ترون يجري الله ذبحهم بأيديكم عاجلا، فقال عثمان وهو يذاكر الصحابة بهذه القصة: فو الله لأجرى الله ذبحهم على أيدينا يوم بدر.
وقال بعض العرب: وقد كان مع عدو رسول الله صلّى الله عليه وسلم في وقعة حنين: إن محمدا لما أخذ كفا من الأرض ورمانا به وقال شاهت الوجوه، وجدنا في قلوبنا الرعب.
ولسنا نقول: إن الله كان يمنع منه صلّى الله عليه وسلم في كل وقت ويرعب عدوه منه في جميع الحالات، بل قد ضربوه وسحبوه وخنقوه ووضعوا التراب على رأسه والسّلا والفرث وأخافوه، ولكن بيّنا أن الرعب قد وقع كما قال الله وقامت به الحجة وانتقضت به العادة، فليس يقدح في ذلك أن لا يكون في كل وقت، كما أن العادة انتقضت بقتال الملائكة يوم بدر، فليس يقدح في ذلك ألا يكونوا قاتلوا يوم أحد.
وباب آخر [في اخراج يهود بني النضير من المدينة وما فيه من آيات]
في الدلالة على نبوته، أن بني النضير من اليهود غدروا به بعد مهادنة كانت بينه وبينهم، فأرسل اليهم بعد أن سار اليهم ونزل عليهم: أنكم غدرتم بي ونقضتم الصلح الذي كان بيني وبينكم، ومع هذا يصعد عمرو بن جحاش ليطرح عليّ صخرة ليقتلني حتى أطلعني الله على ذلك، / فاخرجوا من حواريّ. فأرسل اليهم عبد الله بن أبي بن سلول بغير واحد من أصحابه يشجعهم ويقول لهم: لا تخرجوا من دياركم فأنا معكم ومن ورائكم، فإن قاتلكم محمد قاتلنا معكم ونصرناكم، وإن أخرجكم خرجنا معكم، فأطلع الله نبيّه على ذلك، فقال عز وجل: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ