وكل من يأتي بعده إلى يوم القيامة، وأن من خالفه فقد حلّ ماله ودمه وأهله وذريته، وعليه الخزي والغضب من الله في الدنيا والآخرة، وانه قد وجب على كل عاقل طاعته والانقياد إلى أمره إلى غير ذلك مما ادعاه وفرضه مما يطول ذكره، وان حجته في ذلك أن الخلق أجمعين لو اجتمعوا واجتهدوا لن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بمثل سورة منه لا يأتون بمثله، وأنهم إن أتوا بذلك فقد بان كذبه وحرمت طاعته ووجبت معصيته وحل دمه ودم كل من صدقه، فبهذه الشريطة قلنا ذلك وادّعيناه، وبهذا قد علمنا، لا بما ظنه السائل.
وباب آخر [محاولة اليهود والنصارى في المدينة القضاء على الإسلام وفشلهم]
من أعلامه صلّى الله عليه وسلم، وهو أنه لما صاروا أصحابه في المدينة مشى اليهود إلى الأوس والخزرج وقالوا لهم: لقد جلبتم على أنفسكم باتباع هذا الرجل الضلال والبلاء العاجل بمعاداة الأمم، ولو كنتم يهودا لناظرناكم؛ وقد كان في الأوس والخزرج من قد تهود. وقالت النصارى لهم مثل ذلك، ورغبوهم في النصرانية، وهددوهم بنصارى العرب وبملوك الروم، وأكثروا في ذلك وهوّلوا، فقال الله عز وجل:«وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»
فكفاهم الله إياهم كما وعد وكما أخبر، وقد كانوا أشد الناس حرصا على قتله واستئصاله وبواره،