للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمام الذي يظهر، ويدعون إلى آخر ويموت الذي بعده، ثم الذي بعده كذلك.

كما وعدوا نصر بن أحمد أمير خراسان، ومرداويج الحالي، وأسفار بن شيرويه، وابن أبي الساج، وأمثالهم، ثم من بعدهم. ومات أولئك الذين كانوا يقولون في كل واحد منهم في زمانه أنه الإمام الذي يقوم ويغلب ويملك الأرض كلها من أولها إلى آخرها.

فتأمل وفكر، فبالفكر تكون البصائر. وإنما عرض هذا في ذكر كتبه ومكاتباته فضلا على ما تقدم لتعلم أن أحواله كلها محفوفة بالعصمة، «١» مكنونة بالحجة الظاهرة والبينة القاهرة. وإنما ذكرنا أحوال هؤلاء الملوك الذين في زمانك بعد ذكر من تقدم من ملوك بني أمية وبني العباس، لأن هؤلاء معك وفي زمانك، وهم يدعونك ويدعون الناس كلهم، فتأمل أحوالهم، فإنك إن ذهبت عما في زمانك كنت عما فاتك زمانه أذهب.

ولما ذكر الله عز وجل نعمه على بني آدم بما سخره لهم حين قال: «رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً» إلى قوله «وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا» «٢» وهو كما قال عز وجل، فإن العاقل إذا ترك الفكر فيما يشاهد، وذهب عن معرفة النعم التي عليه في الدنيا، فهو عما أراده الله به من نعم الآخرة أذهب.

[بين جرير بن عبد الله البجلي واليهودي]

ومن جنس ما تقدم أن جرير بن عبد الله البجلي سمع بأرضه من رجل تاجر من اليهود قدم عليهم بمتاع يشترونه منه: لا والذي أنزل التوراة على موسى، فقال له جرير: من موسى هذا؟ وما التوراة؟ فقال اليهودي: موسى بن


(١) يقصد الرسول عليه الصلاة والسلام.
(٢) الاسراء ٦٦