عمران رجل من بني إسرائيل/ أرسله الله إلى بني إسرائيل وأنزل عليه كتابا يسمّى التوراة، فقال له جرير: فأخبرني خبره، فقص عليه شأنه، فقال له جرير: فهل أرسل الله أحدا قبله، قال: نعم، فقصّ عليه قصة نوح، قال له: فهل أرسل الله بعد نوح أحدا، قال: نعم، فقص عليه قصة إبراهيم، فقال له جرير: فهل غير هؤلاء؟ قال: كثير، فجعل يسم له الرسل، فقال له جرير: بأي شيء يرسلون، وما يقال لهم؟ قال: يرسلون أن يعبد الله وحده، وبالصدق، وأداء الأمانة، وغير ذلك، قال له جرير: فكيف صنع قومهم بهم؟ قال: آذوهم وضربوهم وقتلوا بعضهم، ودخل في دينهم ناس من قومهم؛ وجرير يستزيده من حديثهم ويعجب، ويعجب قومه من ذلك، وهو شيء ما سمعوا به أصلا، ولا سمعوا أسماء هؤلاء الرسل، فضلا عن غير ذلك.
فقال جرير: والله ما سمعت بهذا قط ولا ظننته، فلعل محمدا هذا القرشيّ رسول مثل هؤلاء، فقد سمعنا خبره ثم عزب عنا ذكره، وقد خفي علينا أمره. ثم شاور جرير من يعقل من قومه في الرحيل إلى النبيّ ليسمع منه وينظر فيما يقوله، فقيل له: إنه قد ساجل قومه الحرب ولا يؤمن عليك، ومن الرأي أن ينتظر الأشهر الحرم فيخرج للحج مع الحاج؛ فلما دخلت الأشهر الحرم رحل مع قومه فوافى إلى عكاظ وإلى ذي المجاز وإلى منى، «١» وصدروا إلى مكة، فعمدوا إلى مجلس من قريش أكثره كهلا وأبداه شرفا، فجلسوا اليهم، وتحدثوا معهم، وباسطوهم في الحديث. فقال جرير: ما فعل صاحبكم هذا، الذي يزعم أنه رسول الله؟ قالوا: فعل شرّا، شتمناه وشتمنا، وفعل وفعل، ثم حاربنا فقتلنا وقتلناه. فقال جرير: وما نقمتم عليه؟ قالوا: نقمنا