للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سحره وكذبه، / قال جرير: فكيف علمتم أنه ساحر؟ قالوا: سحر قلوب فتياننا حتى اتبعوه وعصونا، قال جرير: ما علمتم إلا بهذا؟ قالوا: لا، قال جرير: فما دلكم على كذبه، هل حدثكم شيئا فوجدتموه باطلا؟ قالوا لا والله، إلا أنه يكذب على الله، ويزعم أنه أرسله أن آلهتنا باطل، وأن سلفنا ضلال من أهل النار. قال جرير: دعوا هذا فماذا يقول سوى ذلك؟ قالوا:

والله ما يقول إلا حسنا، إنه ليأمر بصلة الرحم، والكفّ عن المحارم، والخلق الجميل، والعفو عن المسيء، وأخلاق سوى ذلك جميلة لو قالها من عند نفسه ولم يزعم أن الله أرسله بها ما أنكرنا عليه، قال جرير: فلعله رسول الله، فقد أرسل الله رسلا قبله: إبراهيم ونوحا وموسى، قالوا: وأين هو من موسى؟

قال جرير: لمه؟ فأنتم خير وأكرم أم قوم موسى؟ قالوا: لا بل نحن، قال: فما أنكرتم أن يرسل الله منكم رسولا كما أرسل من قوم موسى؟

وجادلهم عنه صلّى الله عليه وسلم. فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا: ساحر وكذاب، ثم قالوا لجرير: ألقيته قط؟ قال: لا والله ما لقيته قط ولا كلمته، ولكن هذا هكذا فغلظوا في شتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسبه، قال جرير: أنتم أعلم. ورجع إلى قومه وعشيرته بمن معه؛ فجاء قومه يسألونه عن الموسم، وعن العرب وما كان بينهم، فحدثهم بذلك، ثم قال: وغير ذلك قالوا: وما هو: فحدثهم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنه بيثرب، وما كان من قريش، وأنه ما وجد عند عدوه مطعنا غير السفاهة، ووجدت قومه قد خافوه، فهل لكم في خبر، قالوا ما هو؟ قال جرير: قد أرسل الله قبله رسلا، فهل لكم أن أخرج قبله وترسلوا معي رسلا تأمنونهم وتثقون بعقولهم وتطمئنون إليهم وإلى خبرهم، فتأتيه/ ونسائله، فلا يخفى أمره علينا، إن كان صادقا سالمناه وآمنا به ودخلنا في دينه وأخذنا لكم منه سببا وحبلا، وإن كان غير ذلك أريناكم برأينا. قالوا:

ما بما قلت بأس. فأرسلوا معه من اختاروه، وخرجوا حتى قدموا عليه