ما استقاموا لكم، وتلك الأقوال التي قد تقدم لك ذكرها، فأحضرها فهمك وتأمل ما فيها.
[الرد على دعوى العصمة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه]
ثم لم يجعل العصمة والأمانة من الزلل في دين الله إلا له وحده إلى يوم القيامة، لا يشاركه أحد فيه، ولا يقوم مقامه ولا يسدّ مسدّه، فقبلوا كل ذلك منه، وخضعوا له، وتدينوا به، وأجابوه إلى ذلك على تلك الشرائط التي تقدم ذكرها، لتعلم بمكان الاعلام والدلائل والبراهين التي انتقضت بها العادة فبهرت عقولهم، وقد كانوا من أعظم الناس نخوة وأنفة وحميّة، ثم لا تجدهم لما صحبوه واختصوا به وأجابوه حدث لهم نبوه عنه، ولا نفور منه، ولا طعن عليه في دينه/ لشيء وقفوا عليه، أو وقف عليه واقف، أو استراب فيه مريب في شيء من أحواله، لا من الرجال ولا من النساء، ولا من الخدم، ولا من الأزواج، لا في حياته ولا بعد وفاته، وأزواجه عدد كثير وهن ضرائر، وفيهن بنات أصحابه وخاصته، وفيهن بنات أعدائه.
فإن قيل: أو ليس الرافضة تدّعي أنه قد شهد بالعصمة لابن عمه عليّ ابن أبي طالب، وأنه كالأنبياء في أن الخطأ والزلل لا يجوز عليه البتة في حال من الأحوال، ولا يلحقه سهو ولا غفلة، وأنه يسدّ مسدّه ويقوم مقامه، وأنه مفزع الخلق، وكذا ولده بعده، فيهم من يقول ثلاثة، ومنهم من يقول سبعة، ومنهم من يقول اثنا عشر، ومنهم من يقول أكثر.
قيل له: إنا لم نقل أن هؤلاء ادّعوا هذا، ولا أخبرنا عنهم، وإنما أخبرنا عن شرعه صلّى الله عليه وسلم وسنته ووصاياه، لا عما يقول هؤلاء. وقد تقدم لك الأدلة على بطلان دعاويهم، وأن أصحابه كلهم من أولهم إلى آخرهم أطبقوا على ذلك قرنا بعد قرن، ثم الذين يلونهم ثم التابعين لهم، ثم الذين يلونهم في القرون والاعصار، إلى زمن هشام بن الحكم؛ فإنه ابتدع هذا القول، ثم