أخذ عنه الحداد، والوراق، وابن الراوندي، وأرادوا به كيد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإفساد دينه، وتشكيك الناس في نبوته، وأحوالهم في شدة عداوته معروفة، وقد تقدم لك بيان ذلك والبرهان عليه بما لا حاجة لك إلى إعادته.
وقد ذكر أبو عليّ رحمه الله طرفا من ذلك في «التفسير» وفي «نقض الإمامة على ابن الراوندي» ، وذكره غيره من العلماء. والعلماء يقولون: إن من قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم جعل مفزع الدين أرسل اليهم، واتباعه في العلم بالحلال والحرام إلى واحد، كمن قال ما أرسل إلا إلى ذلك الواحد، / ولا آمن به ولا اتبعه إلا ذلك الواحد، ولا زكّى ولا مدح إلا ذلك الواحد، ولا شهد بالجنة إلا لذلك الواحد، قالوا: وإنما تكلم من قال إن بعض أصحابه أعلم من بعض وأوعى وأحفظ، وأنه ما استخلف على أمته واحدا بعده كما استخلف أبو بكر ويدله على ذلك.
فأما من قال ذلك القول فسبيله ما ذكرنا، ونظيره ما مثلنا. وهؤلاء يدّعون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيّن عصمته وعصمة ولده، ونصّ لأمته على ذلك، وأداه لهم بحسب وجوبه على كل واحد منهم من عبد وحر، وذكر وأنثى، وحضهم على ذلك، وأن الاعلام والمعجزات كانت تظهر عليه وعلى ولده، وأنها ظاهرة إلا على إمام الزمان الذي هو معنا وحجة علينا.
وقد علم كل عاقل سمع الأخبار أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قد ابتلى من الخلاف والتضليل والتخطئة والإكفار ما لم يبل بمثله أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، فما احتج لنفسه بأنه معصوم لا يجوز عليه الخطأ، ولا أن النبيّ نصّ عليه ووصى اليه واستخلفه، ولا بأن المعجزات ظهرت عليه مع حاجته إلى ذلك، ولا احتج له من يخاصم عنه في زمانه مثل الحسن والحسين، وعبد الله بن العباس، وقيس بن سعد وأبي أيوب