فوازن ذلك ونظيره أن يعلم كلّ من سمع الأخبار أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد نص النصّ الذي تدّعونه، وهذا فليس بمعكم ولا لكم، فقد صار ما صرتم اليه من أمر هذه المعجزات عليكم لا لكم.
وأيضا، فإن هذه المعجزات التي مع النبيّ فيها ما يعلم كل من سمع الأخبار أنه عليه السلام قد ادّعى أنها حجة له في نبوته، ومنها ما اجتمعت الأمة عليه، وما تدّعونه فلا يعلم باضطرار ولا فيه إجماع، فهذا كما ترون في بعده مما تدعون.
وجواب آخر، أنه ينبغي أن تعلم أن كثيرا من المعجزات التي ليست في القرآن يعلمها كثير من الناس كعلمهم بالقرآن، وهذا تجده فيمن كثر سماعه واشتدت عنايته بمبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبمقامه بمكة وبهجرته إلى المدينة وبسيرته وبمكاتباته وبمراسلاته وبغزواته، ولهذا تجد أبا الهذيل، وعمرو بن بحر الجاحظ ومحمد بن شبيب، وأمثالهم من القدماء يدّعون في كتبهم التي صنفوها في النبوة في المعجزات التي ليست في القرآن العلم الضروري، وكذا أبو عمر/ الباهلي، وقد ذكر أبو هاشم في نقض الفريد نحو هذا، فادّعى في استسقاء النبي وفي إخباره عن المقتولين في غزاة مؤتة وفيما كان بين النبي صلّى الله عليه وسلم وأهل مكة من المراجعة في غلبة الروم على فارس علم الاضطرار، فاعرف ذلك، ولتشتد عنايتك بهذه الأمور لتساويهم في العلم بذلك.
وباب آخر [كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم وملك فارس، وما فيها من دلالات]
كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ملك الروم كما كتب إلى كسرى ملك فارس.
وكان كتابه إلى ملك الروم مع دحية بن خليفة الكلبي؛ وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم