قد أمر دحية إلى أن يدفع كتابه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر ملك الروم.
فلما قرىء على قيصر فيما يدعوه إلى الله وعبادته وحده، وأن لا يضن بملكه، وأن لا يتحمل آثام الروم مع إثمه.
وكان ملك الروم بالشام بحمص ودمشق يشتو في بلد ويصيّف في بلد، فطال فكره في رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي كتابه، ووجد قلبه يخشع، فقال لأصحابه:
التمسوا لي هل هاهنا من قوم هذا العربي الذي يزعم أنه نبيّ من أحد لنسأله عنه؟ فوجدوا بالشام رجالا من قريش قدموا تجارا في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبين كفار قريش وفيهم أبو سفيان صخر بن حرب، فأشخصوا اليه وقد صار إلى بيت المقدس. فأدخلوا عليه وهو جالس في مجلس ملكه، وعليه التاج، وحوله عظاماء الروم. فقال لترجمانه أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيّ فقال أبو سفيان: أنا أقربهم اليه، فقال ملك الروم: ما قرابة ما بينك وبينه؟ قال أبو سفيان: هو ابن عمي، وما كان في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غير أبي سفيان؛ فقال ملك الروم له: ادن مني، ثم أمر أصحابه من قريش فجعلوا خلف ظهره عند كتفه، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه إني سائل هذا الرجل/ عن هذا الذي يزعم أنه نبيّ فإن كذب فكذبوه، فقالوا: نعم.
ثم قال لترجمانه: قل له: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ فقال أبو سفيان: هو فينا ذو نسب، فقال ملك الروم: فهل قال هذا القول فيكم أحد قبله؟ قال: لا، قال ملك الروم: فهل كان في آبائه من ملك؟ قال أبو سفيان: لا، قال ملك الروم: أفأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قال