جماعة، وعهد إليه عهدا معروفا، وقال صلّى الله عليه وسلم/ في هذا العهد: وانا اشهد الله على رجل وليته امرا من امور المسلمين فلم يعدل فيه قليلا كان ام كثيرا فانه لا طاعة له، وهو خليع محاولتيه، واني قد برأت المسلمين الذين معه من عهدهم وايمانهم منه ومن ولايته، فليستخيروا عند ذلك الله ثم ليستعملوا عليهم افضلهم في انفسهم؛ واشباه هذا في وصاياه وعهوده وسيره كثيرة، وأنت تجده متى طلبته، وفيما معك اتم كفاية.
باب آخر [كيف خاض الصحابة في امر الامارة ولم يذكروا انه نص على أحد بعينه]
وهو ان الصحابة قد خاضوا في باب الامارة في مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقبل ذلك في ازمان مختلفة، وجرى لهم من الخوض في ذلك اكثر مما جرى لهم من كل شيء في كبار الامور وصغارها، فأقوالهم وأفعالهم افعال من لا عهد عنده في رجل بعينه؛ وان الائمة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجوز ان تقع منهم المعاصي والخطايا.
فمن ذلك، ان الصحابة سألوا عليا في مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا:
كيف اصبح رسول الله يا أبا الحسن؟ فقال: اصبح رسول الله بحمد الله بارئا، فقال له العباس: أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم كما أعرفه في وجوه بني عبد مناف، وإني لأرى رسول الله صلّى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه هذا، فانطلق بنا الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم نسائله فإن كان هذا الامر فينا علمنا، وإن كان في غيرنا امرناه فوصى الناس بنا. فقال له علي: ما كنت لأسألها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإنا إن سألناه فقال ليست فيكم منعناها الناس وقالوا: رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال ليست فيكم، والله لا سألتها ابدا.
فانظر كم في هذا من بيان على صحة ما قلنا؛ فهذا العباس، وهذا علي،