وما قاله لبطارقته والروم بعد ذلك من محاسنها وحزم ملوكها. والعلم بذلك كالعلم بكتابه عليه السلام إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، وتمزيق كسرى للكتاب واستخفافه/ به وبرسوله. وكانت كتبه صلّى الله عليه وسلم في أكارع الأدم يكتبها جهارا بعلم عدوه ووليه، وينفذها جهارا، ويعلم العدو والوليّ بما يكون من الجواب.
فتأمل الحال في ذلك وحال الملوك في زمانك، الذين يزعمون أنهم من ولده، وكيف يسترون مكاتباتهم عن أوليائهم فضلا عن أعدائهم، ويكتمون ذلك بجهدهم، ويعظمون الكتاب ويزينونه ويصورونه ويهولونه، ويضمنونه المخاريق والخدع، هذا مع تسترهم بالإسلام، وأنهم من ولد النبيّ صلّى الله عليه وسلم والأئمة الذين وصى اليهم النبي صلّى الله عليه وسلم. ويكون مع تلك الكتب الأموال والهدايا والتحف العجيبة، ويذكرون للمكتوب اليه ملكهم، وأنهم قد وجدوا ذلك في كتب الحدثان وفي الملاحم والأبار، ويطمعون المكتوب اليه في المشاركة في الملك، وإن كان ملكا قالوا نقرّك ونزيد في ملكك، ويحلفونه في كتمان ذلك وكتمان ما يلقونه اليه، ويهولون عليه بأن فلانا الملك، وفلانا الأمين، وفلانا السلطان، قد أجابونا، وهم أهل دعوتنا، وقد عرفوا حقيقة ما قلناه لهم؛ فبادروا في الإجابة لتكون لكم الوسيلة قبل ظهور الدعوة، وقبل ملك الإمام لجميع الأرض، وقبل انغلاق باب التوبة. وإنما يكتبون بهذا إلى الملوك الذين هم في الإسلام، والذين يزعمون أنهم شيعة، وقد تواطئوا لهم من كل وجه، وقد لاذوا برسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأظهروا الاعتصام به، ويقولون: السنّة السنّة تكون الغلبة، وظهور الأمر على جميع الأرض، فلا يكون لذلك أصل، ويموت من وعدوه ذلك، ويتناسى، ويبتدئون فيسخرون بقوم آخرين فيبطل ذلك ولا يكون، ويبتدئون بقوم آخرين، ويموت/ ذلك الذي قالوا لهم إنه