بما أنزله الله عليه:«إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ» فلما سمع النجاشيّ ذلك ضرب يده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود، فتأخرت بطارقته حوله حين قال ذلك فقال لهم: وإن نخرتم، ثم أقبل على المسلمين فقال: اذهبوا فأنتم سّيّوم بأرضي ما أحب أني آذيت رجلا منكم بجبل ذهب. ردوا على هذين هداياهما فلا حاجة لي بها، فو الله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي فاخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه، فنال بطارقتهم من هذا ما غمّهم وساءهم، وخرج عمرو وصاحبه من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاآ به، وأقام المسلمون عنده بخير دار عند خير جار. ثم أقبل عليهم وبسطهم ورفع منهم ولم يزل يسمع، وأسلم، وأجاب/ رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن كتابه بأني قد أسلمت، وترددت رسله وكتبه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع هداياه، وأنفذ ابنه إلى النبي عليه السلام فغرق في البحر قبل أن يصل اليه، وكان من أمر النجاشي ما هو من المعلوم من إسلامه.
والذي أردنا من هذا أن مثل عمرو بن العاص قد تباهى في سبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم والتنفير عنه والصد عنه عند النجاشي.
فانظر هل أمكنه أن يذكر في ذلك حجة أو ما يشبه الحجة، أو غدرة، أو زلة. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم هاجر وكان له مع قريش واليهود والنصارى تلك الوقائع والمشاهد وقد شهدها عمرو وبلغه ما لم يشهده، فانظر هل كان عنده في ذلك شيء ينفر به عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو يحتج به على المسلمين وقد استفرغ.
ومنام عمرو فوق يقظة هؤلاء السفلة من زنادقة زمانك كالحداد والوراق وابن الراونديّ والكندي والباطنية وطبقات القرامطة. وكم مثل عمرو من قريش