للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحلّ علينا. فعدا علينا قومنا فعدبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث. فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك.

فقال النجاشي: هل معك مما جاءك به عن الله من شيء؟ فقال جعفر:

نعم، فقال النجاشي: فاقرأه عليّ فقرأ عليه صدرا من «كهيعص» فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكى أساقفته حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: هذا من عند الله انطلقوا فو الله لا سلمتكم إليهما. فورد على عمرو والبطارقة الذين أعانوه وهاداهم ما كرهوا، وغلظ عليهم. فلما خرجوا من عنده قال عمرو: والله لأبيّتنه غدا/ بما أستأصل به خضراءهم، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد الله. ثم غدا عليه من الغد فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل اليهم واسألهم عما يقولون فيه. وبلغ ذلك المسلمين ولم ينزل بهم مثلها. فاجتمع المسلمون، فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه، فقالوا:

نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبيّنا عليه السلام كائن في ذلك ما هو كائن فقال: فأرسل اليهم النجاشي، فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر: نقول فيه الذي جاء به نبينا هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول الحصينة. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أرسل عمرو بن أميّة الضمري بكتابه إلى النجاشيّ يدعوه إلى الإسلام ويقول له: عندك أصحابي فأجرهم وقرّبهم ولا تتجبّر عليهم، وأرسل إلى المسلمين