للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ. وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ» «١» ، ونزل فيه غيرها ايضا. وقيل: يوم بدر أصابته جراحة ذهبت بقحف رأسه، وحصل مع المسلمين في جملة المأسورين وقال: لا أذوق لهم طعاما ولا شرابا ما دمت في ايديهم، فمات من الضربة وصار الى النار بعد ان أذاقه الله العذاب المهين في الدنيا كما قال وكما اخبر.

ومنهم الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان من الأشداء على المسلمين، فقال لقريش حين حضر الموسم: ان الناس قادمون عليكم وسائلوكم عن صاحبكم، يعني رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فماذا تقولون؟ قالوا: نقول مجنون، قال:

يكلمونه فلا يجدونه مجنونا، قالوا: نقول شاعر، قال: فهم اصحاب الشعر يقولونه ويروون بسيطه وهزجه فلا يجدونه شاعرا. قالوا: فنقول كاهن، قال: فقد رأوا الكهنة وتكلّفهم وكذبهم. قالوا: فما نقول يا ابا عبد شمس؟ ففكر وقدّر ونظر وعبس وبسر «٢» كما وصفه الله تعالى في سورة المدّثر، ثم قال: «إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» . وكان له عدة بنين، وكان ذا مال واسع، فكان بنوه يحضرون ويشهدون عقلاء، فأنزل الله فيه:

«ذرني ومن/ خلقت وحيدا. وجعلت له مالا ممدودا. وبنين شهودا.

ومهّدت له تمهيدا. ثم يطمع أن أزيد. كلا انه كان لآياتنا عنيدا» .

الى قوله: «سَأُصْلِيهِ سَقَرَ» «٣» فلم يزده الله مالا ولا ولدا بعد هذا كما أخبر، ثم مات كافرا كما قال الله. وقد كان عند نزول ذلك حيا سليما.


(١) لقمان ٦
(٢) قد تشتبه الكلمة في الاصل ب: وبصر، والصحيح ما اثبتناه
(٣) الآيات من سورة المدثر، وأكثرها حول الوليد بن المغيرة