أم اكتساب؟ قيل له: العلم بذلك طريقه الاستدلال والاكتساب، ويتهيأ لكل عاقل من كافر ومؤمن ان يعرف ذلك ويجب عليه ان يعرف، وسبيله سهلة قريبة، فمن نظر واستدل عرف، ومن لم يستدل لم يعرف.
والدليل على ان ذلك قد كان، ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد تلا هذه السورة واحتج بذلك على العدوّ والوليّ، فعلمنا انه أمر قد كان ووقع، فإن الحجة به قد قامت وظهرت وقهرت، لأنه لا يجوز ان يقصد عاقل الى قوم يدعوهم الى صدقه ونبوته ويحرص في أجابتهم الى طاعته والانقياد له ويريد منهم ذلك ثم يقول: من علامة نبوتي ودلائل رسالتي ان النجوم لم تكن تنقض وانها الآن قد انتقضت، وهو يعلم انهم يعلمون ان هذا أمر لا اصل له وأنه قد كذب فيما ادعى. هذا لا يقع من عاقل كائنا من كان، فكيف بمن يدعي النبوة، وعقله العقل المعروف الراجح الموصوف، ثم يقصد الى امر ظاهر مكشوف في السماء البارزة للخلق أجمعين المشاهدة للأولين والآخرين، سيما والعرب أعلم الناس بالكواكب والأنواء ومطالعها وسيرها، والثابت الراكد الذي/ لا يغيب منها. وقد كتب الناس عنهم علمهم بذلك، ودونوا منه شيئا كثيرا، وأكثرهم مأواه تحت السماء، هي تسقفهم، ورؤيتهم لها ولكواكبها امر دائم متصل لا يفتر، وقد سبقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في السن والزمان والعلم بالكواكب، فكيف يقدم على قوم هذه سبيلهم فيدعي هذه الدعوى وهم من العداوة له والطلب لعثراته وزلاته، ولأمر ينفرون به اصحابه عنه على حال لا مزيد عليها؟ فأين كانوا عن هذا الكذب الظاهر الذي لا ينفع معه صدق يقدمه ولا صدق يكون بعده؟ ومن هذه سبيله لا يكون لها رئاسة، ولا يتبعه احد، ولا يكون له قدر. وقد يتبعه قوم عقلاء ألبّاء «١» فضلاء لأنه