للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قياسكم أن يكون قد ظهر منها آيات ومعجزات، وأن تكون خيرا من الأنبياء وقد ادعى قوم لخلق بما تقدم ذكره.

ومن عجيب الأمور، أن أفعال هؤلاء وأقوالهم، تشهد بأنهم عليهم السلام ما ادّعوا ما تدعيه الشيع لهم من النصوص والوصايا والمعجزات، وقد تيقن ذلك كل متوسم ومتأمل، فقالوا: ننصرف عن هذا كله لقول جاهل لا يعرف الربوبية من الانسانية، فإن الذي ألقى هذا في عسكر أمير المؤمنين إلى قوم جهال لا يعرفون عبد الله بن سبأ «١» ، وهو/ المعروف بابن السوداء، وكان يهوديا من ناحية اليمن، وكان خبيثا منكرا، فأظهر الإسلام في زمن عثمان، وسار حتى أتى الحجاز، وأظهر التقشف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاختلاط بالمسلمين. وكان يطلب الرئاسة فلم يقم له سوق، ولم يؤبه له. فرحل إلى الكوفة فأقام مدة يطلب ذلك، فلم يقم له سوق فرحل إلى الشام وأقام يطلب ذلك واختلط بالصحابة، وتقرب إلى أبي الدرداء، وعبادة ابن الصامت، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففطن أولئك له فنهوه، وأوقع بين أبي الدرداء وبين قوم بالشام شرا، وتبين أمره بالشام فرحل إلى مصر، وكان على هذا، واغتر به قوم فأوقع خلافا بين الناس، ووافى عمار ابن ياسر رسولا لعثمان إلى مصر، فحمل أقواما على أن بلغوا عمارا رحمه الله عليه من بمصر عن الولاة مكروها، فثار من ذلك فتنة

وسار ابن السوداء هذا إلى المدينة مع المصريين الذين تظلموا من عمال عثمان، وأقام بالمدينة معهم، وما زال يغري بعثمان إلى أن اغتاله قوم من المصريين، فتسلقوا عليه في السحر فقتلوه، وقاتله لا يعرف إلى هذه الغاية.


(١) كتب في هامش الصفحة: أول من ألقى في عسكر علي بن أبي طالب أنه إله العالمين، عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء اليهودي.