ثم وثب المصريون، فأثاروا فتنة عظيمة بعد قتل عثمان، ولما نفر طلحة والزبير وعائشة من أفعالهم وصاروا إلى البصرة، راسلهم أمير المؤمنين بالقعقاع بن عمرو، وبابن عباس، وبمحمد بن حاطب، وبكليب الجرمي، واصطلحوا على أن يصير أمير المؤمنين إلى البصرة ويجتمعون وينظرون، فدس ابن السوداء أصحابه وقال لهم: أوقعوا الفتنة حتى تنشب الحرب، فإنهم إن اصطلحوا فما يصطلحون إلا عليكم، فكانت الفتنة، وكل هذا فقد ذكره غير/ واحد من العلماء وشرحوه طويلا مفصلا، وحاله هذه معروفة.
وكان بالكوفة يظهر تعظيم أمير المؤمنين بما لا يرضاه أمير المؤمنين ويستغوي بذلك من ليست له صحبة ولا فقه في الدين، وكالبوادي وأهل السواد، ويتحدث بينهم، وربما استقصر عندهم فعل أبي بكر وعمر وعثمان، ويقدم أمير المؤمنين عليهم في الفضل، لأنه كان يدعي ما ادعاه أبو الخطاب وهشام بن الحكم. وكان يدّعي عند أمثال هؤلاء أن أمير المؤمنين يستخصه ويخرج اليه بأسرار لا يخرج بها إلى غيره، وأمير المؤمنين لا يعلم بذلك.
ولقد قال قائل لأمير المؤمنين عجبت لقوم كنت فيهم كيف ولّوا عليهم وعليك غيرك؟ فقال له أمير المؤمنين: أرأيت أبا بكر الصديق؟ قال: لا، قال أما إنك لو قلت لي أنك رأيته لفعلت بك وفعلت.
وكان ابن سبأ هذا يقول لأصحابه: إن أمير المؤمنين قال لي: إنه يدخل دمشق ويهدم مسجدها حجرا حجرا، ويظهر على أهل الأرض ويكشف له أسرارا ويعرفهم أنه ربهم، وليس لهذا كأبي بكر وعمر وعثمان.
ولقد أتى أمير المؤمنين رضي الله عنه سويد بن عقلة، وكان من خاصته وكبار أصحابه، فقال له: يا أمير المؤمنين، مررت بنفير من الشيعة يتناولون