للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبا بكر وعمر بغير الذي هما من الأمة له أهل، ويرون أنك تضمر لهما على مثل ما أعلنوا، فقال: أعوذ بالله أعوذ بالله، مرتين، أن أضمر لهما إلا الذي أتمنى المضي عليه، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه، رحمة الله عليهما. / ثم نهض دامع العينين يبكي، قابضا على يدي سويد، حتى دخل المسجد، فصعد المنبر فجلس عليه متمكنا، قابضا على لحيته، وهي بيضاء، حتى اجتمع الناس. ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة، ثم قال: ما بال أقوام يذكرون سيّدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه، ومما قالوا برىء، وعلى ما قالوا معاقب، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء صحبا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء يأمران وينهيان، ويقضيان ويعاقبان، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان لا يرى مثل رأيهما رأيا، ولا يحب كحبهما أحدا، مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنهما راض، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين، فصلى بهم تلك الأيام في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما قبض الله نبيه عليه السلام واختار له ما عنده، مضى مفقودا صلّى الله عليه وسلم، ولاه المؤمنون ذلك، وفوضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين، أنا أول من سنّ له ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره، يودّ لو أن بعضنا كفاه، فكان والله خير من بقي رأفة، وأرحمه رحمة، وأيبسه ورعا، وأقدمه سلما وإسلاما، شبهه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفوا ووقارا، فسار فينا سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى قبضه الله على ذلك. ثم ولىّ الأمر بعده عمر، واستأمر/ في ذلك المسلمين، فمنهم من رضي ومنهم من كره، فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، وأقام الأمر على منهاج النبي