للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا أن ها هنا أمما كثيرة لا تجد التمر وفيهم من لا يشتهيه، وهم شباع، وإنما أراد بذلك أهل المدينة وأمثالهم من بلدان النخل، والقوم الذين هم أكلة التمر، وأقواتهم التمر، فحضهم على اتخاذ النخل لقوت عيالهم، وهذا من مسائل أهل الخيبة/ والافلاس.

ومما يسألون عنه، ما جاء في الرواية من قوله: صلّى الله عليه وسلم «الشفاء في لعقة عسل أو شرطة حجام أو آية من كتاب الله» وقوله: «الكمأة من المنّ وماؤها شفاء للعين» فقالوا: نحن لو أطعمنا العسل المحموم والمبرسم أضررنا به وربما قتلناه، وكذا صاحب الصفراء، ولو حجمنا المفلوج والملقو وصاحب الرطوبة لضره ذلك وأسقمه، قالوا: وقد يقرأ القرآن كله على العليل فلا يبرأ، وربما مات، ولا يعرف الناس في أدوية العين ما الكمأة.

قلنا «١» : ما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلم لا دواء إلا هذا ولا شفاء إلا في هذا، وإنما قال:

في هذا الشفاء، وقد صدق صلّى الله عليه وسلم. فإن الناس يجدون في العسل من الشفاء في الأدوية والأغذية والمطاعم ما يعم نفعه ولا يمكن دفعه، وفي الحجامة شفاء عظيم لخلق كثير، ولم يأمر صلّى الله عليه وسلم بذلك في كل مرض فيكون لقائل مقال، وقد قال صلّى الله عليه وسلم: ماذا في الأمرّين من الشفاء: الصبر والشقاء. وذكر صلّى الله عليه وسلم الشفاء في أشياء كثيرة من فواكه ونبات يطول شرحها، ونهى عن أكل أشياء كثيرة في أمراض، ونهى الرمد عن أكل التمر، إلى غير ذلك مما جاء عنه صلّى الله عليه وسلم مما يطول شرحه، وإن لم يكن معالجا طبيبا فما وجد في قوله مع كثرة ما قاله كذب، وقد علم هو صلّى الله عليه وسلم والذين قال لهم هذا الذي أراده، وأن الناس قد يتداوون بهذه الأشياء ومع هذا فيموتون ويهرمون، وعلى أن هذه الأدوية


(١) جاء في هامش الأصل: «تأويل قوله صلّى الله عليه وسلم: الشفاء، في لعقة عسل أو شرطة حجام أو آية من كتاب الله، وقوله: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين» .