للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعارضوه في انفاذ جيش أسامة بن زيد وقالوا له: ليس علينا في هذا الوقت من الروم خوف، ولا حاجة بنا الى غزوهم في هذا الوقت والعرب قد ارتدت وأحاطت بنا، فدع هذا الجيش يكون لنا، فقال لهم ابو بكر رضي الله عنه: إن رسول صلّى الله عليه وسلم يقول والوحي ينزل عليه: أنفذوا جيش أسامة ونقول نحن لا نرى ذلك، برأينا؛ فقال له قوم: فأقم على جيشه اميرا مكانه احسن منه فإنه حدث وفي جيشه المشيخة والكهول، فقال: أيوليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنزعه انا، لا يحل هذا.

ولما جاء الذين منعوا الزكاة ونزلوا على المهاجرين وقالوا لهم: قولوا لخليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعفينا من الزكاة فانا نقيم الصلاة ونجاهد معكم، فان لم يفعل صرنا مع العدو وحاربناكم. فمشوا الى ابي بكر رضي الله عنه، وسألوه أن يقبل ذلك منهم، فقال: لا أفعل، ولا يحل لي هذا ولا لكم، قالوا: فنحن في قلة والعرب قد ارتدت، فمن نقاتل ومن ندع؟ لا طاقة لنا بقتال الناس كلهم، فاقبل منهم الى ان تنكشف هذه الفتن فانا قد خفنا على المدينة وعلى اثقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأثقالنا، فقال: ما كنت لأفعل ولو بقيت وحدي، اني إن قبلت رأيكم نقضت/ الاسلام عروة فعروة. ايها الناس، إن مات رسول الله نبيكم صلّى الله عليه وسلم، وكثر عدوكم، وقل عددكم، ركب الشيطان هذه منكم؛ والله ليظهرنّ الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون، وليستخلفنكم في الأرض كما وعدكم، وتلا قوله عز وجل: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «١» » وقوله: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ


(١) التوبة ٣٣ والصف ٩.