فقيل له: أقبل فانهم لا يخالفونك ولا يكرهونك، وقال له ابو سفيان:
اقبل يا ابا الحسن ما يقول ابو الفضل وانا أبايعك، فقال له العباس: اقبل فهذا شيخ بني عبد مناف يبايعك ايضا، فقال ابو سفيان عليّ بنو عبد مناف كلها، بل عليّ قريش ان تبايع ولا تخالف، فقال له العباس: افعل، فقال:
لا يا عم إلا عن ملأ من المسلمين.
فانظر كيف بين رضي الله عنه امر الامامة للمسلمين وباختيارهم، وانه لا يبادر الى القبول لئلا يظن به الحرص على الامارة، فقال له قائل من بني هاشم: فأخبر الناس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم جعلها/ في بني هاشم، فقال رضي الله عنه: والله لئن كنت أول من آمن به فلا اكون اول من كذب عليه.
ومقام آخر، وهو ان العباس خرج الى ابي بكر وهو في المسجد فأخبره بما بلغه عن الانصار، وسأله ان يمضي اليهم ويبين لهم، لعلم العباس بعظم قدر ابي بكر في المهاجرين والانصار. فنهض ابو بكر وتبعه عمرو وأبو عبيدة، وصاروا الى الانصار، فأنكر عليهم ابو بكر ما عزموا عليه، فعجبوا من إنكاره وقالوا: لم تنكر ان تكون الامارة فينا، فقد مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وما استخلف، وقد قال فينا كذا، ومدحنا بكذا، فقال ابو بكر:
صدقتم، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ولو سلك الناس شعبا وواديا وسلكت الانصار شعبا وواديا لسلكت شعب الانصار وواديهم؛ ثم قال ابو بكر ولكن هذا الامر ينبغي ان يكون في الحيّ من المهاجرين من قريش، فلا تنفسوا عليهم الامارة: أسلمنا قبلكم، وقدمنا الله في القرآن عليكم، وما كان في قريش نفاق.
فقال الحباب بن المنذر بن الجموح: فإن ابيتم فمنا امير، ومنكم امير. ثم