للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا منه؟ قلنا: قد كان يتصفح القتلى بعد انقضاء الحرب، فمر بطلحة وهو صريع فنزل اليه واخذ رأسه في حجره ومسح التراب عنه وقال: يرحمك الله يا ابا محمد، يعزّ عليّ ان اراك قتيلا تحت نجوم السماء وفي اودية الارض، ثم انشد:

فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... اذا ما هو استغنى ويبعده الفقر

وامر بجمع القتلى وصلى عليهم وامر بدفنهم، ودخل عليه ولد طلحة فأدناه وقربه/ وقال له: يا ابن اخي، خذ كتابي الى قرظة بن كعب الانصاري ليرد عليكم اموالكم وما اخذ منها، فما امرته بإدخال يده فيها، انما اردت قبضها لئلا تمتد اليها ايدي السفهاء وليحفظها عليكم، اتبسط يا ابن اخي في الحاجة تكون لكم فاني ارجو ان اكون انا وطلحة والزبير من الذين قال الله: «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» «١» .

ولما قيل له رضي الله عنه: قاتل الزبير بالباب يستأذن، انزعج هو وأولاده حزنا عليه وإنكارا لقتله، وصار عندهم مأتم ومصيبة عظيمة، وقال: كيف قتله وليس من اقرانه؟ قالوا اعتاله ومعه سيفه، فقال:

خذوا السيف منه وبشروه بالنار، فأخذ السيف منه؛ فما زال امير المؤمنين يقلب السيف ويقول كم كربة كشفها صاحب هذا السيف عن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولم يأذن له في الدخول عليه. ثم دخل عليه بعد ذلك مع الناس فقال: نحن اهل البلاء فلم نجفا؟ قال: من تكون؟ قال: قاتل الزبير،


(١) سورة الحجر ٤٦