للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النجاسة والقذارة كما قد عرفت، ورأوا من الصحابة في المذاكرة بالقرآن والمواظبة على درسه، فأسلموا اختيارا وطوعا من تلقاء أنفسهم، وجاهدوا في سبيل الله عز وجل.

وأما خاص المجوس بجور وإصطخر «١» ، فعندهم أن الله مات جل الله عن قولهم «٢» وأنه خلف ابنين، أحدهما غلب على السماء وهو الخير، وأن الآخر غلب على الأرض وهو الشرير. وقد كان عامل لعمر رضي الله عنه كتب اليه يعتذر من قلة المال ويقول: أسلم الناس وقلت الجزية، فأنكر عليه عمر هذا الاعتذار وكتب إليه: إن الله بعث محمدا صلّى الله عليه وسلم هاديا ولم يبعثه جابيا، وصرفه ولم يستعمله لحزنه على قلة المال وحرصه على الجباية «٣» .

وكان خلفاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقولون لعمالهم: ارعوا الناس ولا تجبوهم، فإن الله بعثنا رعاة ولم يبعثنا جباة، وإن من بعد نامن الأمراء سيصيرون جباة لا رعاة، فإذا أفعلوا ذلك ذهب الحياء والوفاء وقلت البركات، فالزموا الاسلام.

ولما دخل عمر الشام تسامع به النصارى ومن بها من ملوك الروم ممن أقام على الذمة، فأحبوا أن يروه، فخرجوا على براذينهم وخيولهم في زيهم ومراكبهم وملابسهم، فرأوا المسلمين يدخلون أولا، أولا، فيقولون لهم: أين الملك؟ فيقولون لهم: هو في الساقه. وتلقاه أبو عبيدة والأمراء، فجاء على


(١) جور: مدينة بفارس بينها وبين شيراز عشرون فرسخا. معجم البلدان ٢: ١٨١ واصطخر: بلدة بفارس كانت من أعيان مدتها. معجم البلدان ١: ٢١١
(٢) كتب في الهامش: اعتقاد مجوس جور واصطخر
(٣) كتب في الهامش: كتب عمر رضي الله عنه الى عامل جورحين اعتذر إليه أن الناس سلموا وقلت الجزية.