للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال أميه بن خلف: وما أراكم للغار، إن عليه لعنكبوتا كانت قبل ميلاد محمد، فمذ ذاك نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن قتل العنكبوت، وقال: إنها جند من جنود الله. وتحرق أبو جهل على فوات النبيّ صلّى الله عليه وسلم، واستبد أسفه، وقال: أما والله إني لأحسبنه قريبا يرانا، ولكن بعض سحره قد أخذ على أبصارنا «١» .

صفة حديث الغار من الجمع بين الصحيحين:

قال أبو بكر: أسرينا ليلتنا كلها، حتى قام قائم الظهيرة، وخلا الطريق، فلا يمر فيه أحد، حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد، فعولنا عندها، فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا ينام فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ظلها، ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت: نم يا رسول الله وأنا أنقض لك ما حولك. فنام، وخرجت أنقض ما حوله «٢» ، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردناه، فلقيته، فقلت: لمن أنت يا غلام، فقال لرجل من أهل المدينة، فقلت أفي غنمك لبن، قال: نعم، قلت: أفتحلب لي، قال: نعم. فأخذ شاة فقلت له: انفض الضرع من الشعب والتراب والقذى، قال: فرأيت البراء يصرف بيده على الآخرى ينفض، فحلب لي في قعب معه كتبة «٣» من لبن، قال: ومعي أداوة أرتوي فيها للنبي صلّى الله عليه وسلم ليشرب منها ويتوضأ، قال: فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلم وكرهت أن أوقظه «٤» من نومه، فوقفت حتى استيقظ فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله، فقلت يا رسول الله، اشرب من هذا اللبن، قال: فشرب حتى رضيت، ثم قال: ألم يأن


(١) كتب الناسخ معلقا: من غير نسخة الأصل
(٢) كتب في هامش الصفحة: حاشية، نقض الأرض، أي: ينظر هل فيها ما يخاف منه
(٣) جاء في اللسان: الكتبة: السير الذي تخرز به الزادة والقربة
(٤) في الأصل: أيقظه