بكر زكريا يحيى بن نبهان فقال له: اعلم أن هؤلاء القوم على ضلال، كنت مع أبي سعيد الجنابي وقد جاءه رجل من أهل جنابة يقال له يحيى بن علي، فأكلنا عنده فلما فرغنا، قام فأخرج امرأته ثم أدخلها مع يحيى هذا في بيت، وقال لها: إن أرادك الولي فلا تمنعيه نفسك فإنه أحق بك مني. فمضى يحيى ابن نبهان بإبراهيم الصائغ إلى هذا الأمير: علي بن مسمار/ فأخبره بما وقف عليه، فأرصد عليّ بن مسمار لذلك وتعرفه، فأخذ الرجل فضربه بالسوط، وحلق رأسه ولحيته، ثم خلى سبيله، وطلب أبا سعيد فهرب إلى جنابة، وبحث عنهم وعن أحوالهم فإذا هم يتسترون بالتشيع ويعطلون الشريعة. وبقي أولاد ابي سعيد وأصهاره في البحرين، فبحث الناس عن أحوالهم وأحوال بني سنبر وأمثالهم فإذا هم على هذه الحال.
ثم تمكنوا، وعاد أبو سعيد بعد أن صار إلى النيل وسواد الكوفة، ومعه الدعوة ورجالها، مثل حمدان بن الأشعث، «١» وهو المعروف بقرمط، واليه ينسب القرامطة، وخال ابن أبي المليح القرني، وخال عيدان. وقد كان بالبحرين يحيى الطمامي داعية لهم، فلما تمكن أفسد وغدر، وأظهر الإباحة، وكان شريك أبي سعيد الجنابي في الدعوة، فوثب عليه أبو سعيد وغدر به وقتله، واستولى على الأمر، وغدر بالناس لما ملكهم، وأظهر من الإباحة وتعطيل الشرائع ما هو مذكور. وقال إنه رسول الأمين الإمام حجة الله على خلقه، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن الحنفية، وهو مقيم في بعض هذه الجبال، وهو المهدي، وأنه في سنة ثلاثمائة للهجرة يخرج ويملك الأرض
(١) هو رأس القرامطة، اختلف في اسمه وأصله، قيل: اسمه حمدان، أو الفرج بن عثمان، الفرج بن يحيى، وقرمط لقبه. قتله المكتفي بالله سنة ٢٩٣ هـ الأعلام ٦: ٣٥ وقد كتب في الهامش: داعية الباطنية حمدان بن الأشعث المعروف بقرمط.