للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عشيرته. وكانوا نحو ثلاثين ألفا، وكتب في ذلك كتابا بيّن فيه أنه تموّه أمرهم عليه وظنهم شيعة وأصحاب المهدي؛ ورجع غيره من رؤسائهم ممن قد ذكره ابن رزام من المراتب الخمس وفي الكتاب الكبير، وذكرهم غيره.

ولقد بلغ الأمر بأبي طاهر أنه كان بعد ذكيرة يغير على الحاج وعلى بلدان المسلمين، ثم يجهد بالعرب أن يعطوه شيئا مما يأخذونه كما كانوا يفعلون من قبل، ويقول هذا مال المهدي، فإن لم تعطونا كله كما كنتم فهاتوا بعضه، فيقولون له: استأمنا إن أعطيناك مفاتحنا وقد عرفناك. فلما رأى استخفافهم به بعد الكرامة قال: لا وجه لما أنا فيه، أقتل المسلمين وأنهبهم ويذهب هؤلاء بالمال. فجاء إلى الكوفة وآمن الناس، ووجه إلى الراضي بعد المقتدر وبعد القاهر، «١» وكان هذا الراضي من الضعف وحجر بجكم والأعاجم عليه على حال قبيحة «٢» ، وقد تفرقت الجنود عنه، وأخذت الأموال منه؛ فوجه اليه يطلب منه مالا يعطيه ليخدمه ويبذرق الحاج «٣» ، ففعل الراضي ذلك، وأعطاه مالا معلوما، وقال أبو طاهر هذا أربح لي، آخذ هذا المال وأعطي بعض أصحابي وأعواني وأفوز ببعض. وكان العقلاء يعجبون ويعتبرون، ويقولون عظم أمر أبي طاهر حتى ادّعى قوم أنه إله، وادعى آخرون له أنه نبيّ، وادعى قوم أنه المهدىّ، وأقل ما ادّعى له أنه ثقة المهدي وسيف المهدي. واستقلوا له ملك الأرض، وما شك


(١) بويع للراضي بالخلافة بعد خلع القاهر في ٥ جمادى الأول سنة ٣٢٢ هـ، ولم يزل خليفة إلى أن توفي في ربيع الأول سنة ٣٢٩ هـ. انظر تاريخ الإسلام ومحاضرات تاريخ الإسلام السياسي
(٢) يحكم الديلمي: قائد الجند أيام الراضي.
(٣) البذرقة: فارسي معرب، بمعنى الخفارة، يقال: بعث السلطان بذرقة مع القافلة اللسان، مادة: بذرق