وملك بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه جميع ذلك، ونفذ فيه أمره، وامتدت يده الى بني حنيفة وقوم مسيلمة، وغزا فارس، وافتتح الحيرة والقادسية وعين التمر «١» وصاروا ذمة له، وجباهم الأموال العظيمة. وافتح الشام وأوائلها ونفذ أمره فيها، فكان حاله في الزهد تلك الحال التي كان عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وقام بعده عمر رضي الله عنه فحوى ذلك كله، وافتتح الى اقصى الشام وأخرج ملوك الروم منها واعتصموا منه بالخلجان والجبال، وافتتح مصر والصعيد الأعلى، وافتتح الجزيرة والعراق والسّواد وفارس وكرمان وسجستان وكورة الاهواز، وما سقته دجلة، وما سقته الفرات/ وما سقاه النيل، وحملت اليه خزائن الملوك وذخائرهم، ومكث على ذلك عشر سنين ثم قبض وحاله في الزهد تلك الحال.
ثم قام بعده عثمان رضي الله عنه، فحوى تلك الممالك كلها، وافتتح خراسان عن اقصاها، وأخذ ملوكها وأصفهان من الجبال، وفي زمانه قتل المسلمون يزدجرد بن شهريار ملك فارس، وافتتح اذربيجان، وافتتح ارمينية، وجرجان وطبرستان وغير ذلك، واستولى على ملوكها وممالكها، وفتح المغرب وهي مسيرة سنين برا وبحرا وطولا وعرضا، وافتتح من جزائر البحر عدة جزائر عظيمة تكون مسيرة شهر طولا وعرضا، وجبى ذلك كله، ومكث على ذلك اثني عشر سنة، وكانت مدته اطول، وامتدت يده،
(١) بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة سميت كذلك لكترة التمر فيها، افتتحها المسلمون في ايام ابي بكر على يد خالد بن الوليد في سنة ١٢ للهجرة. معجم البلدان ٣: ٧٥٩، ارسل اليها معاوية النعمان بن بشير فأخذها من عامل علي سنة ٣٩. الطبري ١: ٣٤٤٥