للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطير بين السماء والأرض، فلما رأيناهم انهزمنا، قال أبو رافع مولى العباس ابن عبد المطلب وكان مسلما: تلك الملائكة فوثب عليه أبو لهب فضربه.

ومن ذلك خبر أبي داود المازني قال: بينا أنا أبتغي خلف رجل من الكفار إذ سقط رأسه بين يدي من غير أن أضربه، وقد كان المسلمون لما رأوا كثرة المشركين وعدتهم وبأسهم وضعف المسلمين وقلتهم قالوا: يا رسول الله قد تخلف عنك خلق من المسلمين بالمدينة لم يخرجوا لأنهم لم يظنوا أنك تلقى عدوا تقاتلهم/ وإنما ظنوا أنك تلقى عير قريش، ولسنا نأمن جولة العدوّ، فإن رأيت يا رسول الله أن نبني لك عريشا تكون فيه، فأجابهم إلى ذلك وقال: اتخذوا لي عريشا تسعني وصاحبي، وأخذ بيد أبي بكر الصديق فأدخله معه العريش، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعو ربه، وطالت مناجاته ربه: ربّ ما وعدتني، ربّ إن تهلك هذه العصابة لم تعبد في الأرض، فاحتضنه أبو بكر من ورائه وقال:

بأبي أنت وأمي مناشدتك ربك، فو الذي بعثك بالحق لينجزنّ الله لك ما وعدك.

وجعل رسول الله يخبر أبا بكر بما يأتيه به جبريل والملائكة، ويقول له: أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله وعونه، هذا جبريل معتمرا بعمامة آخذا بعنان فرسه يقوده على ثناة النفع، وهذه الملائكة قد سومت.

فأمر الملائكة عليهم السلام، وحضورهم يوم بدر، وقتال من قاتل منهم، من الأمور المشهورة، وقد قدمنا قبل هذه الأخبار دلالة العقل على ذلك، وقوله عز وجل: «وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا» «١» فقلل المشركين في أعين المسلمين ليتجرؤوا عليهم ولئلا يهابوهم، وقلل المسلمين في أعين المشركين ثم ملأ


(١) الأنفال ١٤