للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهم صال واستطال، وهم أوفر ما كانوا، وبهم من المحافظة على دين رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما قد عرفه أهل العلم، هذا مقام لا يقومه عاقل ولا يختاره ممتر. وبعد فهم أولئك القوم الذين صنعوا بعثمان ما صنعوا لأنه وصل سببا وآوى طريدا فتعلم أن القول من رسول الله صلّى الله عليه وسلم في تحريم المتعة كان مؤكدا كما علمت الوعيد بالعذاب ونزوله في المباهلة.

وزعم ابن الراوندي أيضا أنه ما دعا النصارى إلى المباهلة واليهود إلى التمني «١» على وجه الاحتجاج بذلك للنبوة، ولو كان إلى هذا قصد لبادروا إلى إجابته.

فقيل له: أما سمعته يقول: «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا» «٢» فكيف تكون المحاجة إلا كذا لولا حيرتك وانقطاعك وفضيحتك.

قيل له أيضا: كيف لا يكون متحديا ومحتجا بذلك على اليهود والنصارى وغيرهم وقد كان يدّعى من أول أمره أنه لا يكذب فيما يأتيه عن الله عز وجل وان الكذاب لا يكون نبيا، فإذا أخبرهم بأنهم لا يتمنون الموت فلو تمنوه لكان قد دل ذلك على كذبه وعلى خروجه من النبوة على حكمه بأن من كان نبيّا لا يكذب فأي تحدى «٣» واحتجاج يكون أقوى من هذا وكذا الحال في قولهم في المباهلة.

فإن قيل: كيف يحتج عليهم بالنساء والصبيان؟ قيل له: لم يحتج عليهم بهؤلاء وإنما أحضرهم لان مقدمهم يعزّ عليه وهم أقرب أرحامه اليه.


(١) في الأصل «تمني»
(٢) آل عمران ٦١
(٣) الأنفال ٣٦، وفي الأصل: إن الذين