يقول: هذا قول الله لكم، ووعد الله لا وعدي، وبشارة الله لا بشارتي، وفي هذا دلالة على صحة الخلفاء من بعده، ألا تسمعه يقول:«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ» ولو قال: الذين آمنوا لكانت عدة تحتمل التسويف والتأويل، فلما قال:«منكم» جعلها فيهم ولهم ومنهم، فزالت الشكوك وارتفع اللبس، ولو كان الأمر على ما يقول الإمامية لكانت هذه الأخبار قد كذبت وهذه المواعيد قد أخلفت لأنهم زعموا أن المستخلف كان علي بن أبي طالب، وأنه ما كان متمكنا ولا آمنا بل كان مقهورا مغلوبا خائفا، فأين تصديق ما وعد الله، فنعوذ بالله من الذهاب عن الحق.
وعندنا أنه/ رضي الله عنه كان في زمن أبي بكر والخلفاء قبله ممكنا غالبا قاهرا آمنا عزيزا نافذ الأمر مسموع القول كما قد تقدم شرح ذلك لك، وبه وبإخوانه من المهاجرين والأنصار كانت خلافة من قبله وعزّ سلطانهم، فالعدة فيه وفي أبي عبيدة بن الجراح وفي سعد ومعاذ وعبد الرحمن وغيرهم من المهاجرين والأنصار، والله عز وجل لا يستخلف إلا المتقين ولا يمكن إلا لأوليائه وأحبائه وأهل طاعته، وليس لمن أسلم في عام الفتح، وفي هذا خبط، لأن هذه نزلت في عام الخندق وفي غزوة الأحزاب قبل فتح مكة، وأولئك من الطلقاء لا من المهاجرين ولا من الأنصار، وليس هذا بنصّ جليّ مكشوف في خلافة هؤلاء رضي الله عنهم، ولكنه شيء يعرف بالاستنباط والاستدلال والتدبر في هذه التلاوة، فلا يسوغ في تأويلها وتفسيرها إلا هذا.
وقد كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين ارتدت العرب بعد وفاته وكثر من خالفهم يستبشرون بظهور الإسلام وغلبة المسلمين بهذه الآية وقد تلاها أبو بكر الصديق عليهم في ذلك الزمان وقال لهم ما لعله قد تقدم لك شيء من ذكره، وهذا شيء قد تقدم به الإجماع وسبق به الاتفاق قبل أن يخلق هشام بن الحكم