وفرق آلافكم وحمل الأبناء على قتل الآباء، والآباء على على قتل الأبناء، وهو يزعم أنه يظهر عليكم ويستأصلكم وأنتم غير آمنين مما يوعدكم به، فبادروا مادام في ضعف قبل أن يقوى بأشد مما كنتم عليه ببدر وأحد.
وكانت لليهود بالحجاز رئاسات وضيافات ومنن على العرب، يجيرون من استجار بهم ويمنعون عن جيرانهم ويقاتلون/ دونهم؛ فأثاروا قريشا والعرب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فساروا اليه في نحو عشرين ألفا، وجاء حييّ بن أخطب اليهودي النضري إلى بني قريظة من اليهود وكانوا قد عاهدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يسالموه ولا يعينوا أحدا عليه أبدا وكتبوا بينهم وبينه في ذلك كتابا. فجاء حييّ بن أخطب اليهودي إلى كعب بن أسد رئيس بني قريظة، وقال له: جئتك بشرف الدنيا وبالعزّ، وهذه القبائل من قريش والعرب قد ساروا إلى محمد فكن معنا، فقال: دعني فإن هذا الرجل قد عرفناه بالصدق والوفاء، إن قال نعم فهي نعم، وإن قال لا فهي لا، ما لقوله خلف، وأكره أن يغدر به ولعلكم ألا تظفروا به. فقال حيي: ليس هذا من تلك العساكر التي لقيته قبل هذا، ونحن في كثرة وهو في قلة، ولن ننصرف عنه أو نستأصله، فتندم في قعودك عنا؛ وإنما هو وأصحابه قليلون، وهذه قريش في هذا العدد. وذكر عدد تلك القبائل وما زال بهم حتى غدرت قريظة. فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسعد ابن معاذ وسعد بن عبادة اليهم ليعرف ما عندهم وهل غدروا أم لا. فلما بصرت قريظة بالسعدين مزقوا الذي كان بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسبوه، فرد عليهم سعد بن عبادة، فقال له سعد بن معاذ: كفّ، فما بيننا وبينهم أجلّ من السباب.
فرجعا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبراه بغدرهم تعريضا إشفاقا على ضعف