للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وهذا نزار يخطب له في الحرمين والمواسم، وينادى في الحرمين أمير المؤمنين العزيز نزار صاحب الدلالات والعلامات والمعجزات، فلا ينكر ذلك منكر، وما يعرف له من المعجزات إلا بيع الخمور وإقامة دور الزواني والقوادين ونكاح الذكران وأخذ المكوس. فإن قلتم لنا: إن السيف أسكت الناس عن الانكار، قلنا: وكذا حال من قبلنا من الذين ادّعيتم لهم النبوة.

قيل لهم: مع كونكم قاهرين غالبين وتمام حيلكم على الناس لستم تخرجون من أن تكونوا مبطلين مفتضحين، وإن قل من يعرف فضائحكم، ولو لم يكن واحد من الناس كلهم اشتغل بطلب عيوبكم/ لما خرجتم من أن تكونوا مبطلين مفتضحين، حتى لو رام كل عاقل في الأرض أن يعرف فضائحكم وكيف كان ابتداء أمركم لعرف ذلك، ولو طلبه لوجده ولأحاط به من أوله إلى آخره، فليس تمام حيلكم على من خدعتموه وسخرتم منه بجاعلكم من المحقين، ولو تمت حيلكم على أهل الأرض أجمعين، ولو أسكتهم خوفكم وسيفكم، وهو كما قال بعض الناصحين للملوك الظالمين: إنكم إن قدرتم على ختم أفواه الرجال فلا قدرة لكم على أن تجعلوا القبيح حسنا. وإن غلبتم الناس على ذات أيديهم فلن تغلبوهم على عقولهم، فما أثمرت غلبتكم وتمام حيلكم ووصايا أبي تميم لكم إلا الويل الطويل والخزي المقيم الذي يسكت أولكم وآخركم، وما أنتم في هذا إلا كمن خدع رجلا وعاهده وبذل له غليظ الأيمان أنه من أنصح الناس له، حتى وثق به وائتمنه على نفسه وماله. ثم وثب به فقتله واحتوى على نعمته، ثم أخذ يفتخر بما ملكه واحتوى عليه، فقيل له:

أنت وإن وصلت إلى هذا فلست تخرج من أن تكون كاذبا غادرا. وقولكم:

إن من ادّعى النبوة في مثل حالنا في الباطل، وقول رئيسكم: أفسد أمور الناس ثلاثة: راعي وطبيب وجمّال وأغيظهم لنا الجمّال «١» فإنه أفسد سائر


(١) جاء في هامش الأصل «قول رئيس القرامطة أفسد أمور الناس ثلاثة»