للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تداوى بعد أن يقدم ما ذكرنا، فقد جاءت الرخصة بالتداوي بما يحل من الشريعة لأنه قد جاء في الأثر: «ما جعل الله شفاءكم فيما حرّم عليكم، «١» » وجاء: «عود بدنا ما اعتاد» «٢» .

ثم ليس إلى السلامة/ سبيل وإن دامت الصحة، وقد قال صلّى الله عليه وسلم الله كفانا بالسلامة داء، وهذه كلمة قصيرة كثيرة المعاني، فإن الانسان وإن دامت صحته فهو معها يهرم ويبلي ويتغير وإن كان طبيبا حاذقا مقتدرا، وكان أبو عثمان عمرو عبيد كثيرا ينشد قول القائل:

يهوى البقاء فان مدّ البقاء له ... وصادفت نفسه فيه أمانيها

أبقا البقاء له في نفسه شغلا ... مما يرى من تصاريف البلى فيها

وقال آخر:

إذا مات المعالج من سقام ... فأحرى بالمعالج أن يموتا

وقال آخر:

يعيش راعي الضأن في جهله ... عيشة جالينوس في طبه

وربما كان راعي الضأن في جهله أدوم صحة وجلدا وبقاء من جالينوس ومن حذاق الأطباء، وأنت تجد هذا عيانا من الرعاة والملاحين والزبالين وأشباههم، وقل ما يوجد طبيبا حاذقا سليما من الأمراض، هذا أبو الحسن بن بكس عرض له الرمد وأبوه حيّ وبالغ في علاجه، فذهبت احدى عينيه، ثم طب وحذق وزادت صناعته وذهبت الآخرى بعد ذلك، والمعروف بالتلميذ،


(١) جاء في هامش الأصل من حديث ابن مسعود، وروي مرفوعا من حديث له.
(٢) جاء في هامش الأصل تعليقا على هذا: «هذا من كلام الطبيب الحارث بن كلدة: ومن رفعه إلى رسول الله أخطأ» .