بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة؟!
أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأى أبدا، ولو أن الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج، ويصادفان منهم مثل هذا القبول، فما الناس إلا بلة مجانين، فوا آسفا! ما أسوأ هذا الزعم، وما أضعف أهله، وأحقهم بالرثاء والرحمة.
وبعد، فعلى من أراد أن يبلغ منزلة ما فى علوم الكائنات ألا يصدق شيئا البتة من أقوال أولئك السفهاء؛ فإنها نتائج جيل كفر، وعصر جحود وإلحاد، وهى دليل على خبث القلوب، وفساد الضمائر، وموت الأرواح فى حياة الأبدان.
ولعل العالم لم ير قط رأيا أكفر من هذا وألأم، وهل رأيتم قط معشر الإخوان، أن رجلا كاذبا يستطيع أن يوجد دينا وينشره علنا؟
والله إن الرجل الكاذب لا يقدر أن يا بنى بيتا من الطوب؛ فهو إذا لم يكن عليما بخصائص الجير، والجص، والتراب، وما شاكال ذلك- فما ذلك الذى يبنيه ببيت، وإنما هو تل من الأنفاق، وكثيب من أخلاط المواد.
نعم، وليس جديرا أن يبقى على دعائمه اثنى عشر قرنا يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه، فينهدم؛ فكأنه لم يكن» .
إلى أن قال: «وعلى ذلك، فلسنا نعدّ محمدا هذا قط رجلا كاذبا متصنعا، يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته، ويطمح إلى درجة ملك أو سلطان، أو إلى غير ذلك من الحقائر.
وما الرسالة التى أدّاها إلا حق صراح، وما كلمته إلا قول صادق.
كلا، ما محمد بالكاذب، ولا الملفّق، وهذه حقيقة تدفع كل باطل، وتدحض حجة القوم الكافرين.
ثم لا ننسى شيئا آخر، وهو أنه لم يتلق دروسا على أستاذ أبدا، وكانت صناعة الخط حديثة العهد إذ ذاك فى بلاد العرب- وعجيب وايم الله أميّة العرب- ولم يقتبس محمد من نور أى إنسان آخر، ولم يغترف من مناهل