للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهر، فإن في ذلك اليوم ولد فرعون وادعى الربوبية وأهلكه الله فيه، وهو اليوم الذي أصيب فيه أيوب عليه الصلاة والسلام بالبلاء.

قال: وكان صلى الله عليه وسلم يختلف إلى ثلمة في الخندق. والثلمة: الخلل في الحائط فعن عائشة رضي الله عنه قالت: كان صلى الله عليه وسلم يذهب إلى تلك الثلمة، فإذا أخذه البرد جاء فأدفأته في حضني، فإذا دفىء خرج إلى تلك الثلمة ويقول: ما أخشى أن تؤتي المسلمون إلا منها، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضني صار يقول «ليت رجلا صالحا يحرس هذه الثلمة الليلة، فسمع صوت السلاح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقال سعد بن أبي وقاص: سعد، يا رسول الله أتيتك أحرسك، فقال عليك هذه الثلمة فاحرسها، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غط، وقام صلى الله عليه وسلم في قبته يصلي لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» ومن ثم لما نعي لابن عباس أخوه قثم وهو في سفر استرجع وتنحى عن الطريق وصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس وتلا وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة: الآية ٤٥] .

ثم خرج صلى الله عليه وسلم من قبته، فقال: هذه خيل المشركين تطيف بالخندق، ثم نادى صلى الله عليه وسلم: يا عباد بن بشر، قال: لبيك؛ قال هل معك أحد، قال: نعم أنا في نفر حول قبتك يا رسول الله، وكان ألزم الناس لقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرسها، فبعثه صلى الله عليه وسلم يطيف بالخندق، وأعلمه بأن خيل المشركين تطيف بهم. ثم قال: اللهم ادفع عنا شرهم، وانصرنا عليهم، واغلبهم لا يغلبهم غيرك. وإذا أبو سفيان في خيل يطوفون بمضيق من الخندق، فرماهم المسلمون حتى رجعوا.

ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ليلا، فقال: يا رسول الله إني أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت. قال وفي رواية أن نعيما لما سارت الأحزاب سار مع قومه: أي غطفان وهو على دينهم، فقذف الله في قلبه الإسلام، فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء فوجده يصلي، فلما رآه جلس. ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك يا نعيم؟ قال:

جئت أصدقك، وأشهد أن ما جئت به حق فأسلم انتهى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة بفتح الخاء وسكون الدال المهملة: أي ينقضي أمرها بالمخادعة. فقال له نعيم: يا رسول الله إني أقول: أي ما يقتضيه الحال وإن كان خلاف الواقع. قال: قل ما بدا لك فأنت في حل.

فخرج نعيم رضي الله عنه حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديما. قال: فلما رأوني رحبوا بي وعرضوا علي الطعام والشراب. فقلت: إني لم آت لشيء من هذا، إنما جئتكم تخوفا عليكم لأشير عليكم برأي، يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت، ليست عندنا بمتهم. فقال لهم: اكتموا

<<  <  ج: ص:  >  >>