رأسه واغتسل ودعا بالمجمرة ليتبخر أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم معتجرا بعمامة: أي سوداء من استبرق، وهو نوع من الديباج، مرخيا منها بين كتفيه، وفي رواية عليه لأمته.
ولا معارضة، لأنه يجوز أن يكون الاعتجار بالعمامة على تلك اللامة وهو على بغلة أي شهباء، عليها قطيفة: وهي كساء له وبر من ديباج أي أحمر.
وفي رواية: جاءه على فرس أبلق، فقال: أو قد وضعت السلاح يا رسول الله؟
قال: نعم، قال جبريل عليه السلام: ما وضعت السلاح. وفي رواية: ما وضعت ملائكة الله السلاح بعد. قال: وفي رواية أنه قال: يا رسول الله ما أسرع ما حللتم، عذيرك من محارب عفا الله عنك: أي من يعذرك. وفي لفظ: غفر الله لك، أو قد وضعتم السلاح قبل أن تضعه الملائكة؟ فقال رسول الله: نعم، قال: فو الله ما وضعناه. وفي لفظ: ما وضعت الملائكة السلاح منذ نزل بك العدوّ؛ وما رجعنا الآن إلا من طلب القوم يعني الأحزاب حتى بلغنا الأسد انتهى: أي حمراء الأسد، إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم، زاد في رواية: بمن معي من الملائكة، فمزلزل بهم الحصون، زاد في رواية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في أصحابي جهدا فلو نظرتهم أياما، فقال جبريل عليه السلام: اهض إليهم، فو الله لأدقنهم كدق البيض على الصفا، ولأدخلن فرسي هذا عليهم في حصونهم ثم لأضعضعنها، فأدبر جبريل عليه السلام ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في زقاق بني غنم، وهم طائفة من الأنصار.
وفي البخاري عن أنس، قال: كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم، موكب جبريل عليه السلام حين سار لبني قريظة، والموكب بكسر الكاف؛ اسم لنوع من السير.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق بينما هو عندي إذ دق الباب، أي وفي رواية: نادى مناد: أي في موضع الجنائز:
عذيرك من محارب أي من يعذرك، فارتاع لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أي فزع، ووثب وثبة منكرة، وخرج فخرجت في أثره، فإذا رجل على دابة والنبي صلى الله عليه وسلم متكىء على معرفة الدابة يكلمه فرجعت، فلما دخل قلت: من ذلك الرجل الذي كنت تكلمه؟ قال:
ورأيته؟ قلت نعم، قال: بمن تشبهينه؟ قلت بدحية الكلبي، قال: ذاك بكسر الكاف جبريل عليه السلام، أمرني أن أمضي إلى بني قريظة، أي وهذا يؤيد أنه صلى الله عليه وسلم كان عند منصرفه من الخندق في بيت عائشة، وأبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا: أي وهو بلال كما في سيرة الحافظ الدمياطي، فأذن في الناس: من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر، أي وفي رواية: الظهر إلا ببني قريظة.