للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند إنشاده الأبيات المذكورة قال له النبي صلى الله عليه وسلم يرحمك ربك، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله وجبت، أي الشهادة يا رسول الله، لولا: أي هلا أمتعتنا به؟ أي أبقيته لنا لنتمتع به، ومنه أمتعني الله ببقائك: أي هلا أخرت الدعاء له بذلك إلى وقت آخر، لأنه صلى الله عليه وسلم ما قال ذلك لأحد في مثل هذا الموطن إلا واستشهد.

وفي لفظ أن القائل له أسمعنا رجل من القوم. قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه صريحا، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعه قال: من هذا السائق؟ قالوا:

عامر، قال صلى الله عليه وسلم: يرحمه الله، فقتل في هذه الغزاة رجع إليه سيفه فقتله، فإنه أراد أن يضرب به ساق يهودي فجاءت ذبابته في ركبته فمات من ذلك رضي الله عنه فقال الناس: قتله سلاحه، وفي رواية: قتل نفسه أي فليس بشهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إنه لشهيد وصلى عليه صلى الله عليه وسلم والمسلمون. وفي رواية قال سلمة بن الأكوع: يا رسول الله فداك أبي وأمي زعموا أن أخي عامرا حبط عمله. وفي لفظ: يزعم أسيد بن حضير وجماعة من أصحابك أن عامرا حبط عمله إذ قتل بسيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب من قال: أي أخطأ في قوله، وإن له أجرين وجمع بين أصبعيه، وفي رواية إنه لشهيد. وفي لفظ إنه لجاهد مجاهد. وفي لفظ مات جاهدا مجاهدا والجاهد الجادّ في أمره، فلما قام بوصفين كان له أجران، وقيل هو من باب: جاد مجد، وشعر شاعر، فهو تأكيد، وكون عامر أخا سلمة هو خلاف ما تقدم أنه عمه وهو الصحيح المشهور.

قال في النور: ويمكن الجمع بأن يكون عمه من النسب وأخاه من الرضاعة، أي وحينئذ يكون هذا محمل قول ابن الجوزي رحمه الله: من الإخوة الذين حدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامر وسلمة ابنا الأكوع.

وفي فتح الباري عن بعض الصحابة: فلما وصلنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب

إذ الحروب أقبلت تلتهب

فبرز له عامر رضي الله عنه يقول:

قد علمت خيبر أني عمار ... شاكي السلاح بطل مغامر

فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر رضي الله عنه، فذهب عامر يسفل لمرحب، أي يضربه من أسفل فعاد سيفه على نفسه: أي أصاب عين ركبة عامر فمات من ذلك، الحديث.

وكون عامر ارتجز لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي حدا به لا ينافي ما جاء أن البراء بن

<<  <  ج: ص:  >  >>