أي فإن أم علي كرم الله وجهه سمته أسدا باسم أبيها وكان أبوه أبو طالب غائبا، فلما قدم كره ذلك وسماه عليا، أي ومن أسماء الأسد حيدرة، والحيدرة:
الغليظ القوي. وقيل لقب بذلك في صغره لأنه كان عظيم البطن ممتلئا لحما، ومن كان كذلك يقال له حيدرة.
ويقال إن ذلك كان كشفا من علي كرم الله وجهه، فإن مرحبا كان رأى في تلك الليلة في المنام أن أسدا افترسه فذكره عليّ كرم الله وجهه بذلك ليخيفه ويضعف نفسه.
ويروى أن عليا كرم الله وجهه ضرب مرحبا فتترس فوقع السيف على الترس فقدّه وشق المغفر والحجر الذي تحته والعمامتين وفلق هامته حتى أخذ السيف في الأضراس، وإلى ذلك يشير بعضهم، وقد أجاد بقوله:
وشادن أبصرته مقبلا ... فقلت من وجدي به مرحبا
قدّ فؤادي في الهوى قدة ... قدّ عليّ في الوغى مرحبا
أي وقد يجمع بين كون القاتل لمرحب عليا كرم الله وجهه، وكون القاتل له محمد بن مسلمة بأن محمد بن مسلمة أثبته، أي بعد أن شق علي كرم الله وجهه هامته، لجواز أن يكون شق هامته ولم يثبته فأثبته محمد بن مسلمة، ثم إن عليا كرم الله وجهه وقف عليه.
أي ويدل لذلك ما في بعض السير عن الواقدي رحمه الله لما قطع محمد بن مسلمة ساقي مرحب قال له مرحب: أجهز عليّ، فقال: لا، ذق الموت كما ذاقه أخي. ومرّ به علي كرم الله وجهه فضرب عنقه وأخذ سلبه، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سلبه، فقال محمد: يا رسول الله ما قطعت رجليه وتركته إلا ليذوق الموت، وكنت قادرا أن أجهز عليه، فقال علي كرم الله وجهه صدق، فأعطى سلبه لمحمد بن مسلمة رضي الله عنه، ولعل هذا كان بعد مبارزة عامر بن الأكوع لمرحب فلا ينافي ما مر عن فتح الباري، ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر أي وهو يرتجز بقوله:
قد علمت خيبر أني ياسر ... شاكي السلاح بطل مغادر
وكان أيضا من مشاهير فرسان يهود وشجعانهم، وهو يقول: من يبارز؟ فخرج له الزبير رضي الله عنه، فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إنه يقتل ابني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل ابنك يقتله إن شاء الله، فقتله الزبير رضي الله عنه، أي وعند ذلك قال له صلى الله عليه وسلم «فداك عمّ وخال لكل نبي حواريّ، وحواري الزبير» .