الخطاب فوجدته أدنى العدو. أي وفي رواية: أعدى العدوّ، ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم، وقد أشار عليّ بشيء صنعته، فو الله لا أدري أيغني عني شيئا أم لا؟
قالوا: وبم أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس: أي قال لي لم تلتمس جوار الناس على محمد ولا تجير أنت عليه وأنت سيد قريش وأكبرها وأحقها أن لا يخفر جواره، ففعلت، قالوا: فهل أجاز ذلك محمد؟ قال لا، أي وإنما قال: أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة، والله لم يزدني، قالوا: رضيت بغير رضا، وجئت بما لا يغني عنا ولا عنك شيئا، ولعمر الله ما جوارك بجائز، وإن إخفارك: أي إزالة خفارتك عليهم لهين، والله أراد الرجل: يعنون عليا كرم الله وجهه أن يلعب بك. قال: والله ما وجدت غير ذلك، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، وأمر أهله أن يجهزوه، أي قال لعائشة جهزينا وأخفي أمرك، فدخل أبو بكر رضي الله عنه على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي تجعل قمحا سويقا ودقيقا. وفي لفظ: وجد عندها حنطة تنسف وتنقى، فقال: أي بنية أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجهيزه؟
قالت: نعم فتجهز، قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: لا والله ما أدري، وإن ذلك قبل أن يستشير صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في السير إلى مكة كما سيأتي. ثم إنه صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتجهيز.
أي وفي الإمتاع أن أبا بكر رضي الله عنه لما سأل عائشة رضي الله عنها دخل عليه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أردت سفرا؟ قال نعم؟ قال: أفأتجهز، قال نعم، قال: فأين تريد يا رسول الله؟ قال: قريشا، وأخف ذلك يا أبا بكر، وأمر صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، وطوى عنهم الوجه الذي يريده، وقد قال له أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله أو ليس بيننا وبينهم مدة؟ قال إنهم غدروا ونقضوا العهد، واطو ما ذكرت لك، وفي رواية أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله أتريد أن تخرج مخرجا، قال: نعم، قال: لعلك تريد بني الأصفر، قال: لا، قال: أفتريد أهل نجد. قال:
لا، قال: فلعلك تريد قريشا، قال: نعم، قال: يا رسول الله أليس بينك وبينهم مدة، قال: أو لم يبلغك ما صنعوا ببني كعب: يعني خزاعة، قال: وأرسل صلى الله عليه وسلم إلى أهل البادية ومن حوله من المسلمين في كل ناحية يقول لهم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة، أي وذلك بعد أن تشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في السير إلى مكة، فذكر له أبو بكر رضي الله عنه ما يشير به إلى عدم السير حيث قال له: هم قومك، وحضه عمر رضي الله عنه حيث قال: نعم هم رأس الكفر، زعموا أنك ساحر، وأنك كذاب وذكر له سوء كانوا يقولون، وايم الله لا تذل العرب حتى تذل أهل مكة، فعند ذلك ذكر صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر كإبراهيم، وكان في الله ألين من اللين، وأن عمر كنوح وكان في الله أشد من الحجر، وأن الأمر