للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركعتين. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «أخبرني أسامة بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين» أي بين الباب والحجر الذي هو الملتزم، وقال: هذه القبلة، فبلال رضي الله تعالى عنه مثبت للصلاة في الكعبة، وأسامة رضي الله تعالى عنه ناف، والمثبت مقدم على النافي، على أنه جاء أن أسامة رضي الله تعالى عنه أخبر أيضا بأنه صلى الله عليه وسلم في الكعبة.

وأجيب بأن أسامة حيث أثبت اعتمد قول بلال، وحيث نفى اعتمد ما عنده، أي وفي مجمع الزوائد للحافظ الهيتمي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «أنه صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فصلى بين الساريتين ركعتين، ثم خرج فصلى بين الباب والحجر ركعتين، ثم قال: هذه القبلة، ثم دخل صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فقام يدعو ولم يصلّ» فالنقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما اختلف. وسبب الاختلاف تعدد دخوله صلى الله عليه وسلم، ففي المرة الأولى دخل وصلى، وفي المرة الثانية دخل ولم يصلّ، وهذا السياق يدل على أن ذلك كان يوم الفتح.

وفي كلام بعضهم: رواية ابن عباس ورواية بلال رضي الله تعالى صحيحتان، لأنه صلى الله عليه وسلم دخلها يوم النحر فلم يصلّ، ودخلها من الغد فصلى، وذلك في حجة الوداع هذا كلامه فليتأمل. أي ثم إنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى مقام إبراهيم وكان لاصقا بالكعبة فصلى ركعتين، ثم أخره على ما تقدم ودعا صلى الله عليه وسلم بماء فشرب منه وتوضأ.

وفي لفظ: «ثم انصرف صلى الله عليه وسلم إلى زمزم فاطلع فيها وقال: لولا أن تغلب بنو عبد المطلب» أي يغلبهم الناس على وظيفتهم وهي النزع من زمزم «لنزعت منها دلوا» أي فإن الناس يقتدون به صلى الله عليه وسلم في ذلك مع أن النزع من وظيفته بني عبد المطلب، وانتزع له العباس رضي الله تعالى عنه دلوا فشرب منه وتوضأ، فابتدر المسلمون يصبون على وجوههم.

وفي لفظ لا تسقط قطرة إلا في يد إنسان إن كان قدر ما يشربها شربها وإلا مسح بها جلده، والمشركون يقولون: ما رأينا ولا سمعنا ملكا قط بلغ هذا.

ولما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد أي والناس حوله خرج أبو بكر وجاء بأبيه رضي الله تعالى عنهما يقوده، وقد كان كف بصره، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال: هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه؟ وفي لفظ: لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه تكرمة لأبي بكر، فقال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، فأجلسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: أسلم تسلم، فأسلم رضي الله تعالى عنه، وهنأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بإسلام أبيه رضي الله تعالى عنهما، أي وعند ذلك قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>