وفي رواية: ضربها بالرمح فسقطت من على الجمل على صخرة، أي وكانت حاملا فألقت ما في بطنها وأهراقت الدماء، ولم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت كما تقدم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«وإن لقيتم هبارا فأحرقوه» ، ثم قال:«إنما يعذب بالنار رب النار» . إن ظفرتم به فاقطعوا يده ورجله ثم اقتلوه فلم يوجد يوم الفتح ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه. ويذكر أنه لما أسلم وقدم المدينة مهاجرا جعلوا يسبونه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سب من سبك فانتهوا عنه» وهذا السياق يدل على إنه أسلم قبل أن يذهب إلى المدينة.
وفي لفظ: ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاء هبار رافعا صوته وقال: «يا محمدا أنا جئت مقرا بالإسلام وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله» واعتذر إليه أي قال له صلى الله عليه وسلم بعد أن وقف عليه وقال: السلام عليك يا نبي الله لقد هربت منك في البلاد فأدرت اللحوق بالأعجام، ثم ذكرت عائدتك وفضلك في صفحك عمن جهل عليك، وكنا يا نبي الله أهل شرك فهدانا الله بك، وأنقذنا بك من الهلكة، فاصفح عن جهلي وعما كان مني فأني مقر بسوء فعلي، معترف بذنبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا هبار عفوت عنك، وقد أحسن الله إليك حيث هداك إلى الإسلام، والإسلام يجب ما كان قبله» .
وقوله مهاجرا، فيه أنه لا هجرة بعد فتح مكة، إلا أن يقال هي مجاز عن مجرد الانتقال عن محل إلى آخر أخذا مما يأتي إن شاء الله في عكرمة.
وأما عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بقتله لأنه كان أشد الناس هو وأبوه أذية للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان أشد الناس على المسلمين، ولما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دمه فرّ إلى اليمن فاتبعته امرأته بنت عمه أم حكيم بنت الحارث بن هشام بعد أن أسلمت فوجدته في ساحل البحر يريد أن يركب السفينة، وقيل وجدته في السفينة فردته، أي بعد أن قالت له: يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس، وأبرّ الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك، فقد استأمنت لك، فجاء معها فأسلم وحسن إسلامه أي بعد أن قال: يا محمد هذه يعني زوجتي أخبرتني أنك أمنتني، قال:
صدقت إنك آمن، فقال عكرمة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله وطأطأ رأسه من الحياء، فقال له صلى الله عليه وسلم: يا عكرمة ما تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتكه قال: استغفر لي كل عداوة عاديتكها، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لعكرمة كل عداوة عادانيها أو منطق تكلم به، أي ولما قدم عليه صلى الله عليه وسلم وثب صلى الله عليه وسلم إليه قائما فرحا به، أي ورمى صلى الله عليه وسلم رداءه وقال: مرحبا بمن جاء مؤمنا مهاجرا، وكان بعد ذلك من فضلاء الصحابة.
وفي «بهحة المجالس في أنس الجالس» لابن عبد البر رحمه الله: أنه صلى الله عليه وسلم رأى