بيدي ذات يوم إلى بعض حجر نسائه فدخل، ثم أذن لي فدخلت، فقال: هل من غداء؟ فقالوا نعم، فأتي بثلاثة أقرصة فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرصا فوضعه بين يديه، وأخذ قرصا فوضعه بين يديّ، ثم أخذ الثالث فكسره، فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدي، ثم قال صلى الله عليه وسلم: هل من أدم؟ فقالوا: لا إلا شيء من خل، قال: هاتوه، فنعم الأدم الخل» وفي رواية:«فإن الخل نعم الإدام» قال جابر رضي الله تعالى عنه:
فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: ما زلت أحب الخل منذ سمعتها من جابر.
وصفوان بن أمية استأمن له عمير بن وهب، أي قال له: يا نبي الله إن صفوان سيد قومي قد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمنه، فإنك أمنت الأحمر والأسود، فقال صلى الله عليه وسلم: أدرك ابن عمك فهو آمن، فقال: أعطني آية يعرف بها أمانك، فأعطى صلى الله عليه وسلم لعمير عمامته التي دخل بها مكة. أي وفي لفظ: أعطاه برده، أي بعد أن طلب منه العود، فقال: لا أعود معك إلا أن تأتيني بعلامة أعرفها، فقال: امكث مكانك حتى آتيك به. فلحقه عمير وهو يريد أن يركب البحر فرده: أي بعد أن قال له: اعزب عني لا تكلمني، فقال: أي صفوان، فداك أبي وأمي، جئتك من عند أفضل الناس، وأبرّ الناس، وأحلم الناس، وخير الناس، وابن عمك عزه عزك، وشرفه شرفك، وملكه ملكك، قال: إني أخافه على نفسي، قال: هو أحلم من ذلك، وأكرم، فرجع معه حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن هذا يزعم أنك أمنتني، قال: صدق فقال: يا رسول الله أمهلني بالخيار شهرين، فقال صلى الله عليه وسلم: أنت بالخيار أربعة أشهر، أي ثم خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ولما فرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمها: أي بالجعرانة رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمق شعبا ملآنا نعما وشاء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعجبك هذا؟
قال: نعم، قال هو لك وما فيه، فقبض صفوان ما في الشعب، وقال: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نبي، فأسلم كما سيأتي.
وهند امرأة أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما فإنها أسلمت بعد، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بقتلها لأنها مثلت بعمه حمزة رضي الله تعالى عنه يوم أحد ولاكت قلبه كما تقدم.
وكعب بن زهير رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه كان ممن يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووحشي رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه قتل عمه حمزة رضي الله تعالى عنه يوم أحد، وكانت الصحابة أحرص شيء على قتله، ففر إلى الطائف، وقد قدمنا إسلامه استطرادا.
قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاءه الكبار والصغار والرجال والنساء يبايعهم على الإسلام، أي على شهادة أن لا إله إلا