بل كان مؤمنا- أدرعا وسلاحا، فأرسل صلى الله عليه وسلم إليه فقال: يا أبا أمية أعرنا سلاحك نلق به عدونا غدا، فقال صفوان: أغصبا يا محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: بل عارية، وهي مضمونة حتى نؤديها إليك، قال: ليس بهذا بأس. وفي رواية الإمام أحمد قال صفوان: عارية مؤداة، فقال صلى الله عليه وسلم: العارية مؤداة، فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح. قيل وسأله صلى الله عليه وسلم أن يكفيهم حملها ففعل. وذكر أن بعض تلك الأدراع ضاع، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب.
قال: واستعار صلى الله عليه وسلم من ابن عمه نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ثلاثة آلاف رمح، فقال له: كأني أنظر إلى رماحك هذه تقصف ظهر المشركين اهـ أي وتقدم أن نوفلا هذا فدى نفسه وكان في أسرى بدر بألف رمح.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا: ألفان من أهل مكة، والعشرة آلاف الذين فتح الله صلى الله عليه وسلم بهم مكة أي على ما تقدم.
قال بعضهم: وخرج أهل مكة ركبانا ومشاة حتى النساء يمشين على غير وهن يرجون الغنائم ولا يكرهون: أي من لم يصدق إيمانه أن الضيعة، وفي لفظ أن الصدمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: أي فقد خرج معه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون من المشركين منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، فلما قربوا من محل العدو صفهم ووضع الألوية والرايات مع المهاجرين والأنصار، فلواء المهاجرين أعطاه عليا كرم الله وجهه، وأعطى سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه راية، وأعطى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه راية، ولواء الخزرج أعطاه الحباب بن المنذر رضي الله تعالى عنه، ولواء الأوس أعطاه أسيد بن حضير رضي الله تعالى عنه.
وفي سيرة الدمياطي: وفي كل بطن من الأوس والخزرج لواء وراية يحملها رجل منهم، وكذلك قبائل العرب فيها الألوية والرايات يحملها رجال منهم، وركب صلى الله عليه وسلم بغلته ولبس درعين والمغفر والبيضة، والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة: وهي درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت ومروا بشجر سدرة كان المشركون يعظمونها وينوطون بها أسلحتهم: أي يعلقونها بها، فقالت الصحابة رضي الله تعالى عنهم: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، هذا كما قال قوم موسى عليه السلام:
اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف: الآية ١٣٨]«لتركبن سنن من كان قبلكم» فلما كان بحنين وانحدروا في الوادي، أي وذلك عند غبش الصبح خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم في شعاب الوادي ومضايقه، وذلك بإشارة دريد بن العصمة، فإنه قال لمالك: اجعل لك كمينا يكون لك عونا إن حمل القوم عليك جاءهم الكمين من خلفهم وكررت أنت بمن معك، وإن كانت الحملة لك لم يفلت من القوم