أبو بكرة، أي وكان عبدا للحارث بن كلدة، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة، قال: واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن في أن يأتي ثقيفا في حصنهم ليدعوهم إلى الإسلام فأذن له في ذلك، فأتاهم فدخل في حصنهم، فقال لهم: تمسكوا في حصنكم فو الله لنحن أذل من العبيد، أي زاد بعضهم: ولا تعطوا بأيدكم ولا تتأثروا:
أي لا يشق عليكم قطع هذا الشجر، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ما قلت لهم يا عيينة؟ قال: أمرتهم بالإسلام ودعوتهم إليه، وحذرتهم النار ودللتهم على الجنة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت، إنما قلت لهم كذا، وقص عليه القصة، فقال صدقت يا رسول الله، أتوب إلى الله وإليك من ذلك اهـ.
ولم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح الطائف، أي فإن خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، قالت له: يا رسول الله ما يمنعك أن تنهض إلى أهل الطائف؟
قال لم يؤذن لنا الآن فيهم، وما أظن أن نفتحها الآن، وقال له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ذلك، فقال: لم يؤذن لنا في قتالهم، فقال رضي الله تعالى عنه: كيف نقبل في قوم لم يأذن الله فيهم، وفي لفظ: إن خولة قالت: يا رسول الله أعطني إن فتح الله عليك الطائف حليّ بادية بنت غيلان أو حلي الفارغة بنت عقيل، وكانتا من أحلى نساء ثقيف، فقال لها صلى الله عليه وسلم: وإن كان لم يؤذن لنا في ثقيف يا خولة، فذكرت خولة ذلك لعمر بن الخطاب، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ما حديث حدثتنيه خولة؟ زعمت أنك قلت لها، قال: قلته، قال أو ما أذن الله فيهم يا رسول الله؟ قال لا، قال: أو أذن بالرحيل؟ قال بلى، واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الناس أي وهو نوفل بن معاوية الديلمي في الذهاب أو المقام، فقال له: يا رسول الله ثعلب في جحر إن أقمت أخذته، وإن تركته لم يضرك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فأذن في الناس بالرحيل، فقبح الناس ذلك وقالوا: نرحل ولم يفتح علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاغدوا على القتال، فغدوا، فأصابت الناس جراحات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا قافلون إن شاء الله، فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، أي تعجبا من سرعة تغير رأيهم، لأنهم رأوا أن رأيه صلى الله عليه وسلم أبرك وأنفع من رأيهم، فرجعوا إليه وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قولوا لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، فلما ارتحلوا واستقبلوا، قال قولوا: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، وقيل: يا رسول الله ادع على ثقيف أهل الطائف، فقال: اللهم اهد ثقيفا وائت بهم مسلمين، ولعل صاحب الهمزية رحمه الله يشير إلى ذلك بقوله: