فيه شيئا، فقال: من سبقنا إلى هذا الماء؟ فقيل له فلان وفلان وفلان، فقال أو لم أنههم أن يستقوا منه شيئا حتى آتيه، ثم لعنهم ودعا عليهم، ثم نزل صلى الله عليه وسلم فوضع يده تحت الوشل فصار يصب في يده ما شاء الله أن يصب ثم نضحه ومسح بيده ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما شاء أن يدعو به فانخرق من الماء وكان له حس كحس الصواعق، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن بقيتم أو بقي منكم أحد لتسمعن بهذا الوادي وقد أخصب ما بين يديه وما خلفه. أي وهذا خلاف عين تبوك الذي تقدم له صلى الله عليه وسلم فيها ما يشبه هذا، وقوله لمعاذ:«يا معاذ يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ههنا ملىء جنانا» إلى آخره، لأن تلك العين كانت بتبوك، وهذا عند منصرفه من تبوك.
قال: واجتمع رأي من كان معه صلى الله عليه وسلم من المنافقين وهم اثنا عشر رجلا وقيل أربعة عشر، وقيل خمسة عشر رجلا على أن ينكثوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة التي بين تبوك والمدينة، فقالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي فأخبر الله تعالى رسوله بذلك، فلما وصل الجيش العقبة نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد واسلكوا بطن الوادي فإنه أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي، وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة، فلما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وسلكوا العقبة، وأمر صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه أن يأخذ بزمام الناقة يقودها، وأمر صلى الله عليه وسلم حذيقة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما أن يسوق من خلفه.
وفي الدلائل عن حذيفة قال:«كنت ليلة العقبة آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقود به وعمار بن ياسر يسوقه أو أنا أسوقه وعمار يقوده» أي يتناوبان ذلك «فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في العقبة إذ سمع حس القوم قد غشوه، فنفرت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقط بعض متاعه، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر حذيفة أن يردهم، فرجع حذيفة إليهم وقد رأى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه محجن، فجعل يضرب به وجوه رواحلهم وقال: إليكم إليكم يا أعداء الله فإذا هو بقوم ملثمين» وفي رواية: «أنه صلى الله عليه وسلم صرخ بهم فولوا مدبرين، فعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع على مكرهم به، فانحطوا من العقبة مسرعين إلى بطن الوادي واختلطوا بالناس، فرجع حذيفة يضرب الناقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم؟ قال: لا، كان القوم ملثمين والليلة مظلمة» .
وعن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول:«لما سقط متاع النبي صلى الله عليه وسلم وأردت جمعه نوّر لي في أصابعي الخمس فأضاءت حتى جمعت ما سقط حتى ما بقي من المتاع شيء» وفي لفظ: «أن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: