خوفتني منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس ضع الطهور وائت هذا فقل له: ادع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعينه الله على ما بعثه به، وادع لأمته أن يأخذوا ما أتاهم به من الحق، فأتيته فقلت له: فقال مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا كنت أحق أن آتيه، اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام، وقل له أخوك الخضر يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن الله فضلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على الشهور، وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، فلما وليت سمعته يقول: اللهم اجعلني من هذه الأمة المرحومة المتاب عليها قال بعضهم: وهذا حديث واه منكر الإسناد سقيم المتن، ولم يراسل الخضر عليه الصلاة السلام نبينا صلى الله عليه وسلم ولم يلقه.
قال السيوطي في اللآلىء قلت: قد أخرج هذا الحديث الطبراني في الأوسط.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة: قد جاء من وجهين. وفي الخصائص الصغرى: ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه جمعت له الشريعة والحقيقة، ولم يكن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلا أحدهما بدليل قصة موسى مع الخضر عليهما الصلاة والسلام، والمراد بالشريعة الحكم بالظاهر، وبالحقيقة الحكم بالباطن.
وقد نص العلماء على أن غالب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما بعثوا ليحكموا بالظاهر دون ما اطلعوا عليه من بواطن الأمور وحقائقها، ومن ثم أنكر موسى عليه الصلاة والسلام على الخضر صلى الله عليه وسلم في قتله الغلام بقوله: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً [الكهف: الآية ٧٤] فقال له الخضر عليه الصلاة والسلام وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف: الآية ٨٢] ومن ثم قال الخضر لموسى عليهما الصلاة والسلام: إني على علم من عند الله لا ينبغي لك أن تعلمه، أي تعمل به لأنك لست مأمورا بالعمل به، وأنت على علم من عند الله لا ينبغي لي أن أعلمه: أي لا ينبغي لي أن أعمل به، لأني لست مأمورا بالعمل به.
وفي تفسير أبي حيان: والجمهور على أن الخضر نبي وكان علمه معرفة بواطن أمور أوحيت إليه، أي ليعمل بها، وعلم موسى عليه الصلاة والسلام الحكم بالظاهر، أي دون الحكم بالباطن.
ونبينا صلى الله عليه وسلم حكم بالظاهر في أغلب أحواله، وحكم بالباطن: أي في بعضها، بدليل قتله صلى الله عليه وسلم للسارق وللمصلي لما اطلع على باطن أمرهما وعلم منهما ما يوجب القتل.
وقد ذكر بعض السلف رحمه الله أن الخضر إلى الآن ينفذ الحكم بالحقيقة، وأن الذين يموتون فجأة هو الذي يقتلهم، فإن صح ذلك فهو في هذه الأمة بطريق النيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام صار من أتباعه صلى الله عليه وسلم، كما أن عيسى عليه الصلاة والسلام لما ينزل يحكم بشريعته نيابة عنه لأنه من أتباعه.