بياض إبطيه» وهو أي بياض الإبط معدود من خصائصه صلى الله عليه وسلم «ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الإكام» بكسر الهمزة، جمع أكمة: وهي التل المرتفع «والظراب» بكسر الظاء المشالة جمع ظرب بفتحها: الروابي الصغار «وبطون الأودية، ومنابت الشجر فانجابت السحابة» أي أقلعت عن المدينة انجياب الثوب.
أقول: لعل هذا المطر كان عاما للمدينة وما حولها حتى وصل إلى محل هؤلاء الوفد، وإلا فهم إنما طلبوا حصول المطر لمحلهم، ولا يلزم من وجوده بالمدينة وجوده بمحلهم إلا إذا كان قريبا بالمدينة بحيث إذا وجد المطر بها يوجد بمحلهم غالبا، وقد أشار صاحب الهمزية رحمه الله تعالى إلى هذه القصة بقوله:
وأتى الناس يشتكون أذاها ... ورخاء يؤذي الأنام غلاء
فدعا فانجلى الغمام فقل في ... وصف غيث إقلاعه استسقاء
ثم أثرى الثرى وقرت عيون ... بقراها وأحييت إحياء
فترى الأرض عنده كسماء ... أشرقت من نجومها الظلماء
يخجل الدر واليواقيت من نو ... ر رباها البيضاء والحمراء
ثم رأيت في الحدائق لابن الجوزي رحمه الله عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: «أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله أن يسقينا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما في السماء قزعة سحاب، فدار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل صلى الله عليه وسلم عن المنبر حتى رأينا المطر يتحادر على لحيته الشريفة، قال: فمطرنا يومنا ذلك. ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو غيره فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال، ادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا قال: فما جعل يشير بيديه إلى ناحية السماء إلا انفرجت حتى صارت المدينة في مثل الجونة حتى سال الوادي شهرا فلم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود.
ثم رأيت بعضهم قال: أحاديث الاستسقاء ثابتة في الصحيحين. وظاهرها أنه تعدد، ففي بعضها أنه وقع وهو في خطبة الجمعة، وفي بعضها أنه صعد المنبر حين شكي إليه فخطب ودعا.