سفيان بن حرب رضي الله تعالى عنه بالشام، أي بغزة مع رجال من قريش في تجارة زمن هدنة الحديبية، أي وكان أولها في ذي القعدة سنة ست.
وقيل كتب إليه صلى الله عليه وسلم من تبوك، وذلك في السنة التاسعة. وجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كتب لقيصر مرتين، والأول ما هو في الصحيحين، والثاني قاله السهيلي، واستدل له بخبر في مسند الإمام أحمد: أي وأغرب من قال إن الكتابة له كانت سنة خمس.
قال أبو سفيان: فأتانا رسول قيصر: أي وهو والي شرطته، فانطلق بنا حتى قدمنا عليه: أي في بيت المقدس، فإذا هو جالس وعليه التاج وعظماء الروم حوله، فقال لترجمانه: أي وهو المعبر عن لغة بلغة وهو معرّب. وقيل اسم عربي، سلهم أيهم أقرب نسبا لهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ أي وفي لفظ: لهذا الرجل الذي خرج بأرض العرب يزعم أنه نبي، فقال أبو سفيان، أنا أقربهم نسبا إليه، لأنه لم يكن في الركب يومئذ من بني عبد مناف غيري: أي لأن عبد مناف هو الأب الرابع له صلى الله عليه وسلم وكذا لأبي سفيان، أي وزاد في لفظ: ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي، فقال له: ادن مني ثم أمر بأصحابي، فجعلوا خلف ظهري ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه إنما قدمت هذا أمامكم كي أسأله عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، وإنما جعلتكم خلف ظهره لتردوا عليه كذبا إن قاله: أي حتى لا تستحيوا أن تشافهوه بالتكذيب إذا كذب، قال أبو سفيان: فو الله لولا الحياء يومئذ أن يردوا عليّ كذبا لكذبت، ولكني استحيت، فصدقت وأنا كاره، أي وفي رواية: لولا مخافة أن يؤثر عني الكذب لكذبت: أي لولا خفت أن ينقل عني الكذب إلى قومي ويتحدثوا به في بلادي لكذبت عليه، لبغضي إياه ومحبتي نقصه، وبه يعلم أن الكذب من القبائح جاهلية وإسلاما. ثم قال لترجمانه: قل له: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قلت: هو منا ذو نسب. قال: قل له هل قال هذا القول أحد منكم قبله؟ قلت: لا قال: قل له هل كنتم تتهمونه بالكذب على الناس قبل أن يقول ما قال؟ قلت لا. أي وفي رواية: هل كان حلافا كذابا مخادعا في أمره لعله يطلب ملكا وشرفا كان لأحد من أهل بيته قبله. قال: هل كان من آبائه ملك؟ قلت: لا، أي وزاد في رواية: كيف عقله ورأيه؟
قال لم نعب عليه عقلا ولا رأيا قط. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
قلت: بل ضعفاؤهم، أي والمراد بأشراف الناس أهل النخوة وأهل التكبر، فلا يرد مثل أبي بكر وعمر وحمزة رضي الله تعالى عنهم ممن أسلم قبل هذا السؤال.
وعند ابن إسحاق رحمه الله تعالى: تبعه منا الضعفاء والمساكين والأحداث، وأما ذوو الأحساب والشرف فما تبعه منهم أحد، وهو محمول على الأكثر الأغلب:
أي الأكثر والأغلب أن أتباعه صلى الله عليه وسلم ضعفاء. قال: فهل يزيدون أو ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه: أي كراهة له وعدم رضا به بعد أن