من الأحاديث الصحيحة قالوا هذا خبر واحد لا يعني، وإذا أرادوا أن يستدلوا على ما زعموا أتوا بأخبار باطلة كاذبة لا تصل إلى درجة الأحاديث الضعيفة التي هي أدنى مراتب الآحاد التي منها أنه قال لعلي أخي ووصي وخليفتي في ديني بكسر الدال وخبر: أنت سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين. وخبر: سلموا على عليّ بإمرة الناس، فإنها أحاديث كاذبة موضوعة مفتراة عليه، عليه أفضل الصلاة والسلام.
ثانيها: أن اسم المولى يطلق على عشرين معنى، منها: أنه السيد الذي ينبغي محبته ويجتنب بغضه، ويؤيد إرادة ذلك «أن سبب إيراد ذلك أن عليا كرم الله وجهه تكلم فيه بعض من كان معه باليمن من الصحابة وهو بريدة، قدم هو وإياه عليه صلى الله عليه وسلم في تلك الحجة التي هي حجة الوداع، وجعل يشكوه له صلى الله عليه وسلم لأنه حصل له منه جفوة، فجعل يتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا بريدة لا تقع في علي، فإن عليا مني وأنا منه، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فقال ذلك لبريدة خاصة. ثم لما وصل صلى الله عليه وسلم إلى غدير خم أحب أن يقول ذلك للصحابة عموما أي فكما عليهم أن يحبوني فكذلك ينبغي أن يحبوا عليا. وعلى تسليم أن المراد أنه أولى بالإمامة، فالمراد في المآل لا في الحال قظعا، وإلا لكان هو الإمام مع وجوده صلى الله عليه وسلم، والمآل لم يعين له وقت، فمن أن أنه عقب وفاته صلى الله عليه وسلم، وجاز أن يكون بعد أن يعقد له البيعة ويصير خليفة، ويدل لذلك أنه كرم الله وجهه لم يحتج بذلك إلا بعد أن آلت إليه الخلافة ردا على من نازعه فيها كما تقدم. فسكوته كرم الله وجهه عن الاحتجاج بذلك إلى أيام خلافته، قاض على كل من له أدنى عقل فضلا عن فهم بأنه لا نص في ذلك على إمامته عقب وفاته صلى الله عليه وسلم.
ثالثها: أنه تواتر النقل عن علي كرم الله وجهه، أنه صلى الله عليه وسلم لم ينص عند موته على خلافة أحد لا هو ولا غيره، فقد قيل له كرم الله وجهه كما يأتي: حدثنا فأنت الموثوق به والمأمون على ما سمعت، فقال: لا والله لئن كنت أول من صدّق به لا أكون أول من كذب عليه، لو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهد في ذلك ما تركت القتال على ذلك ولو لم أجد إلا بردتي هذه. وفي رواية: ما تركت أخا نبي تيم وعدي يعني أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ينوبان على منبره صلى الله عليه وسلم ولقاتلتهما بيدي.
رابعها: أن لو كان هذا الحديث نصا على إمامته لم يسعه الامتناع من متابعة عمه العباس رضي الله تعالى عنه لما قال له العباس: اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان هذا الأمر فينا علمنا. وأيضا لو كان الحديث نصا لكان لما قالت الأنصار منا