المدينة، فأتيت بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله هذا محمد بن حاطب، وهو أول من سمي بك: أي بعد الإسلام قالت: فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيك ومسح على ذراعك ودعا لك ثم تفل على يدك، ثم قال: «أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما» قالت: فما قمت من عنده صلى الله عليه وسلم حتى برئت يدك.
ومنها أنه صلى الله عليه وسلم نفث على عاتق خبيب وقد أصيبت يوم بدر بضربة على عاتقه حتى مال شقه فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانه، فالتصق كما تقدم.
ومنها رد عين قتادة بعد أن سالت على خده، فكانت أحسن عينيه كما تقدم.
ومنها أن ضريرا شكا إليه صلى الله عليه وسلم ذهاب بصره وأنه لا قائد له، فقال له صلى الله عليه وسلم: توضأ وصلّ ركعتين ولقنه دعاء فدعا به فأبصر لوقته.
أي ومنها أن رجلا ابيضت عيناه، فكان لا يبصر بهما شيئا، فنفث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه فأبصر. قال بعضهم: رأيته وهو ابن ثمانين يدخل الخيط في الإبرة.
ومنها أن عتبة بن فرقد السلمي كان يشم منه رائحة الطيب ولا يمس طيبا، لكونه صلى الله عليه وسلم نفث في يده الشريفة ومرّ بها صلى الله عليه وسلم على جسده. قال بعض نساء عتبة: كنا أربع نسوة ما منا امرأة إلا وهي تجتهد في الطيب لتكون أطيب من صاحبتها وما يمس عتبة الطيب، وإذا خرج إلى الناس، قالوا: ما شممنا ريحا أطيب من ريح عتبة، فقلن له يوما: إنا لنجهد في الطيب ولأنت أطيب ريحا منا فممّ ذلك؟ فقال:
أخذني الشرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكوت إليه ذلك، فأمرني أن أتجرد فتجردت وقعدت بين يديه صلى الله عليه وسلم، وألقيت ثوبي على فرجي، فنفث صلى الله عليه وسلم في يده الشريفة ودلك بها الأخرى ثم مسح ظهري وبطني بيديه فعبق هذا الطيب من يديه يومئذ، وإلى ذلك أشار صاحب الأصل بقوله رحمه الله ورحمنا به:
وعتبة لما مسه راح عاطرا ... يضوع الشذا منه بأعطر ما يحوي
ومنها دعوته صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما بأن الله يعلمه التأويل والفقه في الدين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما «ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره، وقال: اللهم علمه الكتاب» ، وفي لفظ «الحكمة» وعنه رضي الله عنه، قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء فوضعت له وضوآ، فلما خرج قال: من وضع هذا؟ فأخبر، فقال:
اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل» .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس، قال: اللهم بارك فيه، وانشر منه فكان كما دعا» .
ومنها دعاؤه صلى الله عليه وسلم لجمل جابر رضي الله عنهما، فصار سابقا بعد أن كان مسبوقا كما تقدم.